هذا الموقف هو إستنساخ للتجربة الأميركية في أفغانستان والذي أنتج تنظيم القاعدة وتنظيم طالبان، في تلك الدولة البائسة التي تحولت الى أكبر مدرسة للإرهاب في العالم بحسب الوصف الأميركي. فقد نشأت القاعدة بدعم مالي سعودي وبتسليح أميركي دقيق حيث يتم إرسال شحنات الأسلحة وأنواعها بطلب من رجال المخابرات الأميركية من داخل إفغانستان، فنجحت الجماعات القتالية في مهمتها في إخراج القوات السوفيتية، لكنها أنتجت تنظيم القاعدة المهووس بالقتل وبث ثقافة الإرهاب.
لقد عانت الولايات المتحدة فيما بعد، الكثير من تنظيم القاعدة، وظهرت بعض الآراء وهي تتحدث عن شعور أميركي عميق بخطأ ما فعلته في أفغانستان، وانها نجحت في إلحاق الهزيمة بعدوها التاريخي عن طريق حرب النيابة، لكنها ساهمت في تدعيم الإرهاب، وكانت تلك الاراء تتسرب من كبار المسؤولين والصحفيين وهي تؤكد أن الإدراة الأميركية تعلمت درساً قاسياً من تجربة أفغانستان، بحيث أن الكثير من الدراسات الإستراتيجية التي صدرت لاحقاً كانت تتجه نحو نمط جديد في التفكير الأميركي، يستند على أساس الندم الذي يأكل قلب واشنطن من التجربة الأفغانية.
غير أن احداث سوريا جاءت لتعطي تصوراً آخر يختلف عن حالة أميركا النادمة، فهي تبدو راغبة الى أبعد الحدود في تكرار التجربة الإفغانية، بل وفي إضافة مقاطع من التجربة العراقية اليها، وهذا يعني أن الندم الذي تحدثت عنه وسربته إعلامياً لم يكن سوى تغطية إعلامية مدروسة لتتخلص من أصوات الإدانة، وتنأى بنفسها عن تهمة أكبر وهي صناعة الجماعات الإرهابية ورعايتها في مناطق محددة من العالم.
وسواء تغير نظام بشار الأسد ام بقي في الحكم، فان الولايات المتحدة صنعت نمطاً جديداً من الإرهابيين في سوريا، مهمتهم هو القتل الطائفي، وقد جاءت نشاطات هذه الجماعات المدعومة من قطر والسعودية وتركيا، لتؤكد توجهاتها الدموية الطائفية.