وقال الحكيم في مؤتمر صحافي نظمته جمعية الصحافيين الكويتية امس الأثنين بمناسبة زيارته الحالية الى الكويت " انها فرصة سعيدة وثمينة أن نلتقيكم من جديد " كما كان يقوم بها رئيس المجلس الاسلامي الاعلى العراقي الاسبق شهيد المحراب السيد محمد باقر الحكيم الى الكويت في شهر رمضان حيث كان يحرص على قضاء عدة أيام منه مع أهله وأخوانه وأحبته من أبناء الشعب الكويتي ويلتقي بالقيادة الكويتية والمسؤولين الكويتيين ".
وأضاف السيد الحكيم ان " زيارتنا للكويت هذا العام تقترن مع ذكرى أليمة ليس على الشعب الكويتي وحده وإنما على الشعبين الكويتي والعراقي على حد سواء ألا وهي ذكرى الغزو الصدامي لهذا البلد الكريم والاعتداء على شعبه ونستذكر هذه المناسبة بألم في كل عام ولكن نوظفها لمزيد من التلاحم والتواصل والمحبة والتسامح والتعايش البناء والمصالح المشتركة الكبيرة التي تجمع بين بلدينا وشعبينا ".
وأشار الى ان " محاولات منذ سنوات مضت قام بها ممن لا يريدون الخير لهذه العلاقة في العراق والكويت لكن ارادة الشعبين والقيادتين والحكومتين كانت أقوى من أن تتأثر بهذه الكلمات أو المحاولات ".
وأكد رئيس المجلس الاعلى على " أهمية العلاقة المشتركة والتعاون القائم بين بلاده والكويت على الاصعدة كافة و في المجالات السياسي والامني والاقتصادي تحديدا " مضيفا ان" الجانبين السياسي والامني كانا يأخذان حيزا أكبر في السنوات الماضية وعلينا اليوم حيث يتطور الوضع الامني بشكل سريع وتعالج بعض الاشكاليات السياسية بين البلدين أن نركز على الجانب الاقتصادي والاستثماري والتنموي ".
وأشار الى " السوق العراقية الواعدة حيث تتوفر البيئة المناسبة لحضور اقتصادي جاد وفعال على المستويين الحكومي وعلى مستوى القطاع الخاص في الكويت وهو ما نتطلع اليه في المرحلة المقبلة ".
وعن اللقاءات التي عقدها مع القيادة الكويتية العليا قال السيد الحكيم ان " لقاءتنا مع القيادة الكويتية هدفت الى تأكيد أهمية العلاقة بين البلدين الجارين الشقيقين وضرورة العمل على تعميقها وكذلك على الجانب الاقتصادي الذي يجب أن يكون مكملا للتطور في العلاقة السياسية "
مبينا ان " الجيرة في الاسلام والعروبة عناوين كبيرة تجمع بين البلدين الشقيقين ولا بد أن تستثمر بشكل بناء في ظل التحولات الكبيرة التي يعيشها الوطن العربي عموما والمنطقة بشكل أعم ولابد لهذه العلاقة أن تترسخ وتتجذر وتجد الفرص والمساحات المناسبة للتعاون ولمزيد من الاستقرار في المنطقة ".
وتابع ان " المنطقة متداخلة مع بعضها بعضا ولا يمكن التفكيك بين بلد وآخر وساحة وأخرى فالاستقرار في العراق ينعكس ايجابا على دول وشعوب المنطقة والاستقرار في الكويت ينعكس ايجابا على واقعنا العراقي ودول المنطقة الاخرى وهذا يربط مصيرنا ببعضنا بعضا ولمثل هذه الاتصالات والتواصل واللقاءات دور كبير في هذا المجال ".
وأعاد السيد الحكيم التعبير عن تقدير الشعب العراقي لموقف أمير الكويت صباح الاحمد الجابر الصباح ومشاركة سموه في القمة العربية الاخيرة في بغداد قائلا ان " زيارة أمير الكويت للعراق ومشاركته في قمة بغداد كان لها وقع كبير في نفوس العراقيين علاوة على الزيارات التي قام بها الى الكويت رئيس جمهورية العراق جلال الطالباني ورئيس الوزراء نوري المالكي وغيرهما من كبار المسؤولين العراقيين ".
ووصف " عدد الزيارات التي قام بها مسؤولون عراقيون الى الكويت في غضون السنوات القليلة الماضية بأنه غير مسبوق في تاريخ العلاقات بين البلدين " مشيرا الى " زيارة رئيس مجلس الوزراء السابق ناصر محمد الاحمد الصباح وزيارة رئيس مجلس الوزراء جابر مبارك الحمد الصباح الى العراق واللتين مثلتا خطوات مهمة ونتمنى أن تدفع الزيارة المقبلة لرئيس الوزراء الكويتي جابر المبارك هذه العلاقة خطوة أساسية الى الامام ".
وأبدى السيد الحكيم تفاؤله في أن " تدفع الزيارات المتبادلة والابحاث الجادة والخطوات العملية لحل المسائل والمشكلات العالقة بين البلدين والتي أخذت طريقها للحل الى علاقة رصينة ومتجذرة في قادم الايام تستحضر كل هذه المقومات والمشتركات الكبيرة ".
وعن الساحة السياسية في العراق أشار الى ان " العراق لا يزال يشهد بعض الملاحظات من أطراف سياسية وتعددا في الاراء والقراءات والاجتهادات وهناك من يسعى الى أن يستثمر الفرص الدستورية للضغط باتجاه تحقيق مطالبه الا أن العراقيين والقوى السياسية اتفقوا جميعا على أهمية اجراء الاصلاحات الحقيقية التي تطمئن الجميع وتعزز الثقة بين القوى السياسية وتوفر المناخات المناسبة للتنمية الشاملة ".
وأكد السيد الحكيم " على اعتزام القوى السياسية العراقية عقد مؤتمر وطني يجمع تلك القوى لوضع خريطة الطريق وجدول أعمال تتضح من خلاله الخطوات المطلوب اجراؤها في الاصلاحات والمدة الزمنية لذلك على قاعدة لا غالب ولا مغلوب بل أن الربح يجب أن يكون للكل فيقدم الجميع تنازلات لصالح الشركاء ويفي بالتزاماته تجاه الوطن على أساس الدستور ".
وعلى المستوى الامني بين " انه على الرغم من بعض الاختراقات التي تحصل بين فينة وأخرى الا أن المؤشرات الامنية عموما تشير الى تطور محسوس وملموس يستشعره المواطن العراقي وتبقى الاهداف السهلة التي يستهدف فيها مواطن بسيط أو مجموعة من المواطنين في أسواق شعبية وأماكن عامة هي التي يجب القضاء عليها تدريجيا من خلال المزيد من الجهد الاستخباري واكتشاف المجموعات الارهابية ".
وحول الواقع الاقليمي اشار رئيس المجلس الاعلى الاسلامي العراقي الى ان " الواقع الاقليمي وتطوراته لا يزال يضغط على العراق ودول المنطقة عموما وهناك حالة من الترقب والقلق مما يجري في العديد من الساحات العربية ما يجعل المواطن العربي ونحن معه مراقبين ومتابعين لسير الاحداث ونتمنى أن يعم السلام والوئام في المنطقة برمتها ".
وردا على سؤال عن رؤيته للعلاقة العراقية - الكويتية على خلفية ما أثير في شأن قضية ترسيم الحدود وميناء مبارك الكبير قال الحكيم " كما قلنا هناك تطور واضح في تلك العلاقة على الاصعدة كافة وفي قضية ترسيم الحدود دفع البلدان التزاماتهما المالية في الامم المتحدة وستقوم اللجنة المختصة باستكمال الخطوات في الاسابيع المقبلة وفي شأن التزامات الخطوط الجوية العراقية تجاه شركة الخطوط الجوية الكويتية فان هناك خطوات مهمة اتخذت ومن المفترض أن تجد حسما نهائيا في غضون فترة بسيطة ".
وأشار الى " وجود تعاون كبير من قبل الحكومة العراقية واللجان التفتيشية في ملف المفقودين "وهناك متابعة لكل المعلومات المتوفرة حول هذا الموضوع كما ان جهود الحكومة العراقية مستمرة في قضية الممتلكات الكويتية فهناك أرشيف اذاعة الكويت وأرشيف بعض الصحف وممتلكات عثرت عليها الحكومة وأعادتها الى الحكومة الكويتية ".
وتابع أن " الملفات المهمة تشهد حراكا وفاعلية جيدة وجدية من قبل حكومتي البلدين واللجان المختصة تجتمع بشكل مستمر "مبينا أن " الحوارات المشتركة بين الحكومتين في شأن ميناء مبارك توصلت الى نتائج طيبة في الغاء المرحلة الرابعة من المشروع وسمعنا تصريحات مطمئنة من مسؤولين في الكويت عن المرحلة الثالثة ما يجعل الموضوع يسير في مسارات التفاهم والطمأنة المتبادلة ".
واستطرد الحكيم قائلا " لذلك نحن نقيم هذه العلاقات بأنها تسير بشكل ايجابي وبناء ونتمنى أن نشهد مزيدا من التطور والخطوات المتقدمة على المستويات كافة في المرحلة المقبلة ".
وعن الوضع الامني في العراق أوضح الحكيم " أنه يشهد تطورا بالفعل والمؤشرات في التطور الامني انما تتمثل في جاهزية القوات العراقية اليوم بعد أن غادر أكثر من ١٥٠ ألف جندي أمريكي نهاية العام الماضي ٢٠١١ وبقي العراق يدار من قبل العراقيين وبالرغم من ذلك نشهد انخفاضا كبيرا في عدد العمليات الارهابية ".
واضاف ان " الارهاب يجمع طاقاته لاشهر ثم يقوم بمبادرة ويستهدف أهدافا بسيطة وعامة في أسواق شعبية وما شابه ذلك فيسقط عدد من الضحايا والشهداء والجرحى في العديد من المحافظات العراقية وحينما نقيم هذه الظاهرة اليوم لا نجدها ظاهرة صحية ولا تكشف عن أمن كامل في البلاد ولكن حينما نقارن بما كانت عليه الامور قبل سنة أو سنتين او ثلاث فسنجد ان التطور كبير وملفت لذلك نحن متفائلون بأن هذا المسار سيتعزز وسنشهد المزيد من الامن والاستقرار في البلاد ".
وعن تصنيفات من مؤسسات أمنية دولية بشأن العراق وتغيير تصنيفه من دولة ارهابية بوليسية ابان النظام السابق الى دولة فاشلة ابان الحكم الحالي بعد ٢٠٠٣ قال الحكيم " اننا نحترم وجهة نظر تلك المؤسسات بشأن الفشل لكن يجب أن نقف عندها وقفة علمية ونتساءل ما هي المؤشرات على الفشل واننا نجد تطورا مستمرا في المنشآت النفطية وفي ميزانية العراق وفيما ينفق في بناء المشاريع الاستراتيجية والمشاريع الخدمية والتنموية في العراق وظاهرة البناء تغزو كل مناطق العراق وأحيائه وأزقته من شماله حتى جنوبه وهناك المصانع والزراعة وتزايد حجم المحاصيل الزراعية من سنة الى أخرى ".
وأكد ان " ذلك لا يمثل طموح العراق بل هو بعيد كل البعد عن طموحنا فنحن لا نزال أمام عمل حقيقي وكبير لتحقيق الطموحات لاسيما ان الامكانات المتاحة يمكن أن تتيح لنا فرصا تنموية أسرع وأكبر لكن الاوضاع السياسية والاستثنائية التي مر بها العراق والخبرة المتواضعة التي كانت وبدأت تتراكم تدريجيا ووجود القوات الاجنبية وغيرها من المشكلات التي مرت بها البلاد طوال عقود من الزمان حالت دون تحقيق ذلك وطموحاتنا أكبر بكثير مما نعيشه اليوم".
وعن تعامل الحكومة العراقية مع اللاجئين السوريين على الحدود العراقية - السورية في الايام المقبلة قال الحكيم " انه في بداية الازمة السورية كان هناك تحفظ من قبل بعض المسؤولين الحكوميين على قبول لجوء السوريين الى العراق لعدم وضوح الرؤية والقلق من الاوضاع فهناك الكثير من القوى المتشددة والارهابيين ممن اختلطوا مع اللاجئين اضافة الى أن العراق فيه الكثير من الاشكاليات فلا يريد أن يعمق أو يزيد مشكلة أخرى الى مشكلاته ".
وأشار الى ان " التحفظ في البداية حيال هذا الموضوع الا أن الجانب الانساني دفع الى فتح الابواب والصدور والقلوب لابناء الشعب السوري الشقيق لاسيما ان للشعب السوري حقا كبيرا على الشعب العراقي الذي آواه وتحمل معاناة كبيرة في استضافة اعداد كبيرة من العراقيين على مدى ثلاثة عقود ماضية لذلك من حق السوريين علينا ان نستضيفهم وأن نخدمهم ".
وأضاف ان " هناك مخيمات تشيد الآن وبشكل عاجل لهؤلاء اللاجئين على الحدود العراقية ليكونوا قريبين من حدودهم في أكثر من محافظة عراقية في الانبار وفي نينوى ومثل هذه المخيمات تشيد من قبل الهلال الاحمر العراقي وحتى تم تخصيص بعض المدارس كاجراء وقتي وسريع لاستضافة هؤلاء الاعزاء وتوفير الخدمات الخاصة لهم الى حين استكمال تلك المخيمات ".
وعن الضمانات التي تقدمها الحكومة العراقية للمستثمرين الكويتيين أجاب الحكيم ان " الضمان هو قانون الاستثمار الجديد الذي أقر في مجلس النواب لكن لا تزال هناك بعض المعوقات في التفاصيل وهناك مساع حثيثة من الحكومة لتذليل تلك هذه العقبات ".
وعن دور المراجع الدينية في العراق في حفظ الاحتقان المذهبي شدد على أن " المراجع الدينية تدعو دائما الى التسامح والتعايش والبعد عن اثارة النعرات الطائفية بما يسيء الى تلاحم ووحدة الشعب العراقي والمنطقة وان فتاوى كثيرة قدمتها المراجع الدينية لوقف اراقة الدماء بل هي لم تسمح بالاقتصاص من مجرمين عرفوا باجرامهم ابان الحكم الصدامي ودعت الى تقديم هؤلاء الى المحاكم لئلا يظلم أحد وهذا هو المنحى العام للمرجعيات ".
وعن رؤيته لمستقبل الديمقراطية في العراق رأى " أنه واعد وفي كل البلدان التي تسعى الى تطبيق الديمقراطية بشكل جاد لانها ليست حالة سياسية أو موقف سياسي بل هي ثقافة وسلوك وأداة وفكر وانطباعات ومنظور ومنظومة علاقات ".
وقال الحكيم " انه لذلك تمر الشعوب التي عاشت تحت وطأة الديكتاتوريات بمرحلة انتقالية حين ترغب بالانتقال الى الديمقراطية قد تستغرق سنوات طويلة فالتحولات لا يمكن أن تتم بين ليلة وضحاها". وأشار الى أن العراق "بلد التعدديات وتجربته في السنوات العشر الاخيرة شابها الكثير من الهواجس والمخاوف الاقليمية ومع ذلك نخطو خطوات جادة ومهمة الى الامام ".
وكان رئيس المجلس الاعلى الاسلامي العراقي السيد عمار الحكيم قد وصل اول امس الاحد دولة الكويت والتقى خلال زيارته بكبار القادة والمسؤوليين الكويتيين ابرزهم أمير الكويت وولي عهده ورئيس الوزراء الكويتي كل على انفراد.