إذ بدأ مسؤولوا المملكة السعودية التي تعد أكبر منتج في المنظمة دون منازع ، بوضع العصي بوجه الانتعاش الاقتصادي العراقي والتوسع النفطي ، اثر استشعارها الذي اظهرته من قلقها من العراق البلد النفطي المتعاظم بعد تقدمه على إيران، ليصبح ثاني أكبر منتج في المنظمة.
واتفقت أوبك على الإبقاء على مستوى الإنتاج الرسمي عند ٣٠ مليون برميل يوميا وعقد الاجتماع المقبل للمنظمة في ٣١ مايو ايار لكن العديد من مراقبي السوق يعتقدون انه ربما تكون هناك حاجة لتقليص المعروض عاجلا وليس آجلا إذا اراد المنتجون منع تهاوي الأسعار نتيجة تباطؤ النمو العالمي.
وقد برز هذا الحراك السعودي علنيا هذه المرة وعلى عكس غرار المرات السابقة الخفية عبر اجتماع أوبك الذي عقد الأربعاء
، والذي اثارته السعودية حول الطرف الذي ينبغي أن يتحمل مسؤولية خفض انتاج النفطي ، اثر بدأ أسعار النفط بالهبوط من مستواها الحالي عند ١٠٨ دولار للبرميل والذي وصفه الخبراء الاقتصاديين بالمستوى المريح لما وصلت له الاسعار مؤخرا.. ومن خلال اصرار العراق بعدم الالتفات لهذا المطلب السعودي ، وهو ما ابداه المسؤلون العراقيون عبر تصريحاتهم الرسمية بعدم خفض الانتاج النفطي".
ومع التصعيد السعودي البادي على الساحة الاقتصادية ، ومن خلال الكرات النارية التي يطلقها واشعلها مندوبوا السعودية مؤخرا خلال اجتماعات منظمة اوبك ، واخذت تلوح بضرورة أن يسعى العراق بالمرحلة المقبلة بخفض انتاجه في أوبك.
ومع موجة التراخيص النفطية التي شهدها العراق مؤخرا عبر رفع الشركات الاجنبية الإنتاج النفطي العاملة في الجنوب لأعلى مستوياته ، حيث يريد ان يقف على بكامل قوته النفطية ، تأتي هذه الحملة السعودية بوقت يعاني العراق من ضعف في موازنته المالية رغم كونها الموازنة الاقوى التي اعدها الخبراء الاقتصاديون بالاكبر في تاريخ العراق حتى الان ، ولكن الوضع الاقتصادي العراقي مقارنة مع الوضع الاقتصادي السعودي المنتعش والمرفه والذي لم يمر بحصار او عقوبات او دمار للبنية التحتية والاقتصادية او بحروب ، كما تعرض له العراق ، مما يعطيه الحق في المضي قدما نحو بناء اقتصاده".
وعلى السعودية وان كانت صادقة بنواياها الداعمة الى منظمة أوبك فعليها ان تكون اول المبادرين لخفض الانتاج النفطي بحال كانت حريصة على تحقيق توازن السوق النفطي ، احترازا من الركود الاقتصادي في الطلب على النفط ، بأعتبار ان" العراق في الوقت الراهن هو احوج مايكون عن بقية البلدان الاخرى المحتاجة لتصدير نفطه ، وعلى المملكة وبقية الدول الاعضاء في اوبك بدعم انتاج زيادة العراق لانتاجه النفطي خلال العام المقبل.
وبحال صدقت السعودية بنيتها الحقيقية للحفاظ على اسعار النفط وداعمة حقا لمنظمة اوبك ، فما عليها سوى التقنين من انتاجها النفطي بعد ان رفعته خلال الصيف الفائت لأعلى مستوى في ٣٠ عاما ، والذي تجاوز /عشرة ملايين برميل يوميا/ تحت حجة الحيلولة دون ارتفاع أسعاره بعدما أدت العقوبات الغربية لتقليص انتاج إيران إلى النصف.
ختاما ان" المخاوف التي تسوقها السعودية ، والحرب النفطية التي تريد اشعالها علنا لتخوفها من العراق الذي يتعاظم دوره الاقتصادي يوما بعد اخر بعد تقدمه على إيران ، ليصبح ثاني أكبر منتج في المنظمة ، والذي لن يفكر على الاطلاق في الحد من الإنتاج النفطي ، هي اشارات واضحة تبين سلسلة العقبات والمنغصات المعادية للسياسة العراقية من قبل السعودية منذ اول وهلة منذ سقوط النظام الدكتاتوري المباد ، وعودة العراق الديمقراطي الجديد الى الساحة السياسية والاقتصادية والتجارية والدبلوماسية والنفطية ليظهر بقوة ويتعافى ويبرز مجددا على الساحة العربية والاقليمية والدولية.
ناظم الجابري