هذا ما يظهره عقد مبرم بين الحكومة العراقية، ممثلة بوزارة الدفاع، وشركة لوكهيد مارتن لصناعة الأسلحة والطائرات الأميركية، لشراء ٦ طائرات من نوع (C-١٣٠-J) للنقل العسكري واللوجستي.
والطائرة (C-١٣٠-J) تستخدم للنقل العسكري وتستطيع نقل ١٢٨ شخصا على متنها، أو حمل (٢-٣) عربة عسكرية من نوع همفي، أو عربة مدرعة واحدة، وتستخدم في نقل القوات العسكرية السريع أو نقل الأسلحة أو مواد الإغاثة للمناطق المنكوبة بحمولة تصل إلى أكثر من ١٩ طن.
ويبين العقد الذي حصلت (المدى برس) على نسخة منه من الشركة المصنعة للطائرة وجود فوارق تصل إلى اكثر من ١٥٠ مليون دولار في سعر الطائرة الواحدة المباعة للعراق عن مثيلتها المباعة لقطر أو للإمارات في السنة ذاتها وبشروط وإضافات مماثلة.
الطائرة تباع للعراق بـ(٢٥٠) مليون دولار ولقطر بـ(٩٨) مليون دولار
ويشير العقد، المبرم بين الحكومة العراقية، ممثلة بوزارة الدفاع، وشركة لوكهيد مارتن في تموز من العام ٢٠٠٨، إلى ان العراق اتفق على شراء ستة طائرات من نوع (C-١٣٠-J)، بمبلغ مليار ونصف المليار دولار، أي ما يعادل ٢٥٠ مليون دولار للطائرة الواحدة إذا ما قسم المبلغ الإجمالي على ٦، مضاف اليها قطع غيار ودورات تدريبية لفنيي الصيانة والطيارين.
بينما يشير عقد لطائرات مماثلة أبرم مع دولة قطر في تشرين الأول من العام ٢٠٠٨ ايضا إلى أن الدولة الخليجية اتفقت على شراء أربعة طائرات من النوع ذاته بمبلغ ٣٩٣ مليون وستمئة الف دولار، تسلم في العام ٢٠١١، بقيمة تصل إلى ٩٨ مليونا وأربعمئة الف دولار للطائرة الواحدة، وشمل العقد ايضا قطع غيار ودورات تدريبية لفنيي الصيانة والطيارين، لحساب الحرس الأميري القطري.
بينما بلغت كلفة اتفاق مماثل بين الشركة الأميركية ودولة الإمارات العربية المتحدة، في كانون الأول من العام ٢٠٠٩، على شراء ١٢ طائرة من النوع ذاته مبلغ مليار وثلاثمئة مليون دولار فقط، أي بقيمة مئة وثمان ملايين دولار للطائرة الواحدة تشمل كذلك خدمات الصيانة وقطع الغيار، لكن دولة الإمارات لم توقع على العقد حتى الآن.
ويقول مسؤول العلاقات في شركة لوكهيد مارتن الأميركية، بيتر سيمونز، في حديث خص به (المدى برس) التي حاولت تبين سبب الفروق الكبيرة في أسعار الطائرات بين العراق من جهة والأمارات وقطر من جهة أخرى، أن "العقد مع الإمارات لم يوقع أبدا" بدون إبداء الأسباب، مضيفا أن "العقد مع قطر تم بالمبلغ المذكور (أي ٣٩٣ مليون دولار) لكن عقد قطر لم يحتوي على حزمة الخدمات الكاملة التي جاءت في الصفقة العراقية".
لكن موقع شركة لوكهيد مارتن يقول أشياء أخرى، فهو يشير بوضوح إلى أن "قطر طلبت في تشرين الأول من عام ٢٠٠٨، اربع طائرات من نوع (C-١٣٠-J) مضاف اليها قطع الغيار ودورات التدريب، بقيمة إجمالية تبلغ ،(٣٩٣.٦) مليون دولار أميركي".
وتؤكد الشركة أن "الإمارات طلبت في، كانون الأول ٢٠٠٩، ١٢ طائرة من النوع ذاته، وبلغ إجمالي قيمة العقد ١.٣ مليار دولار، ويشمل الدعم اللوجستي (قطع الغيار والتدريب).
العراق دفع اكثر من ٧٠٠ مليون دولار لتدريب ضباط لا يجيدون الإنكليزية
وبينما تبرر الشركة لوكهيد مارتن فارق السعر في الصفقة العراقية بـ"حزمة الخدمات المتكاملة" للطائرات العراقية، فإن عقدي العراق وقطر يبدوان متشابهين إلى حد بعيد، أو على الأقل فان الاختلاف بينهما لا يمكن، بحسب خبراء عسكريين، ان يصل بسعر الطائرة العراقية إلى ثلاثة أضعاف سعر الطائرة تقريبا، خصوصا وان التدريب وبحسب العقد لم يشمل إلا عدد قليل من الضباط يقول الجيش الأميركي إنه "عانى من عدم إتقانهم اللغة الإنكليزية".
وعلى هامش احتفالية أقيمت في الولايات المتحدة يوم الأربعاء ١٢/ ١٢/ ٢٠١٢ بحضور قائد القوة الجوية العراقية أنور أمين والضباط المتدربين العراقيين ومسؤولين في الحرس الوطني الأميركي، بمناسبة إرسال ثلاثة من هذه الطائرات إلى العراق، فإن المدربين الأميركيين أكدوا أن عملية التدريب للطيارين العراقيين "لم تخل من التحديات".
وأكد المدربون أنه "كان على المتدربين العراقيين ان يدخلوا معهد تدريب على اللغة قبل ان يأتوا إلى هنا فقد كان هناك مشكلة في التواصل"، مؤكدين أن "عملية تدريب الطاقم التي استغرقت ٢٥٠ ساعة طيران جرت تحت إشراف قاعدة جناح النقل الجوي ١٤٣ ها في رودلاند".
ويذكر المسؤولون الأميركيون أن "الحكومة العراقية قامت بتسديد نحو ٧٠٠ مليون دولار من قيمة الصفقة الإجمالية البالغة ١.٥ مليار دولار".
البرلمان: العراق يلجأ إلى مافيات الأسلحة بدلا من إبرام العقود مباشرة
ويقول نواب عراقيون من لجنتي الأمن والدفاع، والمالية البرلمانيتين، اطلعتهم (المدى برس) على المعلومات التي جمعتها، أن "خطورة كبيرة" تكتنف ملف التسليح العراقي بسبب "شبهات" الفساد.
ويؤكد النائب عن لجنة الأمن والدفاع حاكم الزاملي أن "هناك فساد واضح في صفقة الطائرات الأميركية"، مضيفا في حديث إلى (المدى برس) أن " التفاوت الكبير في الأسعار هو تفاوت واضح وغير معقول".
ويشير الزاملي إلى أن "عقود وزارة الدفاع في الفترة الماضية كان يشوبها الفساد منها العقود الأوكرانية والعقود الروسية"، موضحا أن "اغلب هذه العقود التي تمت هي لم تتم كدولة مع دولة وإنما مع وسطاء وتجار أسلحة".
ويؤكد عضو لجنة الأمن والدفاع "نعلم ان هذه المافيات تحاول ان تزيد من الأسعار حتى تعطي رشى لبعض الضباط وبعض المسؤولين في الدولتين، المتعاقدة (المجهزة) والتي تتعاقد (التي تطلب التجهيز)"، ويوضح أنه "على سبيل المثال روسيا لا تستطيع إعطاء رشى بصورة مباشرة إلى الوفد المفاوض فتستعين بالوسطاء وتجار الأسلحة لتمرير الصفقة".
من جهته، يقول عضو اللجنة المالية في البرلمان العراقي، احمد المساري، أن "هذه المعلومة إن صحت تعد مثال آخر على كم الفساد الموجود في وزارة الدفاع".
ويضيف المساري في حديث إلى (المدى برس) أن "هذه المعلومة تبين بشكل لا يقبل الشك مستوى الفساد المستشري في الحكومة ووزارة الدفاع"، مبينا أن "على هيئة النزاهة ولجنة النزاهة البرلمانية التحقيق في هذا الموضوع لأنه امر خطير جدا".
ويحمل المساري "مكتب القائد العام للقوات المسلحة ومكتب السيد المالكي المسؤولية عن الكوارث التي قد تحيط بالعراق نتيجة هذه الصفقات"، مؤكدا أن "هذه المعلومات لم تصل إلى البرلمان وليس لدينا علم بها وسمعناها لأول مرة من (المدى برس)".
لوكهيد مارتن: الطائرات لن تؤثر على توازن القوى في المنطقة
ويشير العقد المبرم بين العراق والولايات المتحدة إلى أن " وكالة تعاون الدفاع الأمني أعلمت الكونغرس عن إمكانية إبرام صفقة بيع تجارية أميركية لطائرة سي ١٣٠ جي للعراق بالإضافة إلى المعدات والخدمات المرفقة معها، وان المبلغ الإجمالي للصفقة اذا طبقت كل الشروط قد يصل إلى ١.٥ مليار دولار".
ويضيف بيان للشركة الأميركية مرسل إلى (المدى برس) أن "الحكومة العراقية طلبت ٦ طائرات نوع سي ١٣٠ جي الطائرة المستخدمة لدى القوة الجوية للولايات المتحدة مع معداتها البالغة ٢٤ محركا (رولز رويس EE ٢١٠٠دي٣)، مع أربعة محركات احتياط ومجهزة بستة منظومات انذر صواريخ نوع EER)-٤٧) مع منظومتين احتياط مع ست منظومات تحديد الإجراء المضاد نوع (EN / ELE- ٤٧) ومنظومتين احتياط".
ويشير البيان إلى أن "الصفقة تتضمن قطع غيار للتصليح وآخر المستجدات على التصميم ودراسات التكامل ومعدات إسناد مع مستندات النشرات الفنية والخدمات الفنية مع التدريب الشخصي ومعدات التدريب والتواصل مع مكتب الإسناد الخارجي وخدمات الحكومة الأميركية والمتعاقد المتعلقة بالخدمات الهندسية وخدمات الأفراد اللوجستية والإنشاءات واي عملية إسناد لوجستي اخر، وتبلغ الكلفة التخمينية حوالي ١.٥ مليار دولار".
ويمضي البيان بالقول أن "صفقة البيع المقترحة لهذه المعدات مع الخدمات لن تؤثر على توازن القوى في المنطقة، ولن يكون هناك اثر عكسي على استعدادية الدفاع الأميركي نتيجة لهذه الصفقة المقترحة"، مبينا أن "تنفيذ صفقة البيع هذه ستتطلب إشراك مالا يقل عن عشرة ممثلين عن الحكومة الأميركية وعشرة ممثلين عن جهة المتعاقد للمساهمة في المراجعات الفنية وإدارة البرامج السنوية لفترة أسبوعين فاصلة".
وتحتاج الطائرة (C-١٣٠-J) إلى طاقم مؤلف من طيارين اثنين ومسؤول عن التحميل، وتسع ١٢٨ مسافرا، وتستطيع حمل ٩٢ من أفراد القوات المحمولة جوا، أو ٩٧ حمالة مرضى مع طبيبين أو ، (٢-٣) عجلة همفي أو عجلة LAV واحدة أو ناقلة أشخاص واحدة نوعM ١١٣.
وتستطيع الطائرة حمل معدات يصل وزنها إلى ٧٢٠٠٠ ليبرة، ما يعادل (٣٣ طن)، وتستخدم أربعة محركات من نوع رولز رويس لتدوير ست مرواح بشفرات نوع داوتي ار ٣٩١، وتحتاج إلى مدرج للإقلاع بطول ٩٥٣ متر، وتبلغ سرعتها القصوى ٦٧١ كم في الساعة، وتستطيع الارتفاع إلى اثني عشر الف متر، ويبلغ مداها خمسة آلاف ومئتين وخمسين كيلومترا.
المدى برس