قالت مصادر وثيقة الاطلاع في النجف الأشرف أن المرجعية الدينية تصدت إلى واحد من أخطر القرارات التي كاد أن يدخل العراق إلى نفق مظلم يتبدد فيه الأمل من العودة إلى الاستقرار السياسي،
وقالت المصادر أن قراراً كاد أن يتم توقيعه بالتوافق بين السيد خضير الخزاعي نائب رئيس الجمهورية والرئيس الفعلي بالوكالة وبين السيد رئيس الوزراء نوري المالكي يقضي بحل البرلمان تأويلاً للمادة الدستورية الخاصة بحل البرلمان مكتفين برئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء بناء على تفسير مبيّت من المحكمة الاتحادية التي يقودها مدحت المحمود،
ولكن الخزاعي طلب من المالكي إحالة الأمر إلى التحالف الوطني الذي كان الجو السائد فيه بين مؤيد وبين معارض كان أبرزهم المجلس الأعلى ومنظمة بدر وقيل أحداً من نواب حزب الدعوة حذر من مغبة اتخاذ مثل هذا القرار لعواقبه الدولية المحتملة فيما أيد المالكي ومجموعته والمستقلون في دولة القانون وعلى رأسهم الشهرستاني وخالد العطية اتخاذ مثل هذا القرار، وقد قيل أن الجعفري كان ممتنعاً،
فيما أيد الوزير حسن الشمري مثل هذا القرار ولم يتحفظ عليه، في وقت لم يحضر فيه التيار الصدري والدكتور احمد الجلبي بالرغم من تحفظ المجلس الأعلى على عدم إشراكهم في هذا الاجتماع المصيري، وقد خلص الاجتماع إلى ضرورة اطلاع المرجعية الدينية والتي كانت قد أحيطت علماً مسبقاً بهذا القرار من قبل أوساط مقربة لها في داخل التحالف الوطني،
وقد أرسل رئيس الوزراء بالفعل كلا من الشيخ عبد الحليم الزهيري والدكتور حسين الشهرستاني للقاء أحد المراجع الدينيين في النجف وابلاغه بذلك، وقد فوجئ الموفدان بتوجيهات صارمة من المرجعية الدينية العليا لمنع ذلك،
وقالت المصادر أن ورقة مكتوبة تليت على الموفدين من قبل جهة معنية بإبلاغ رأي المرجع الديني الأعلى في هذه الخطوة وقد لخصت المصادر مفاد ما في الورقة بالمحاور التالية:
أولاً المادة الدستورية واضحة تماماً في ضرورة الرجوع إلى اعضاء البرلمان لحله، ولو قدر إمكانية تفسير المادة الدستورية بإمكانية تفرد رئاسة الجمهورية والوزراء بذلك، فإنه سيخلق جواً من الرفض والجدل بشان دستورية الحل وما يترتب عليه من بعد ذلك، وسيمتد الجدل إلى سحب الكثير من دول العالم اعترافها بدستورية ما يجري أو التشكيك به، وهذا ما يهدد بمخاطر جمة على كل العملية السياسية.
ثانياً: ادخال البلد في مشروع الانتخابات المبكرة في وقت يعيش التشنجات والتأزم بين فرقائه سيعني صعود كتل متشددة أكثر من ذي قبل، مما سيؤدي إلى أربعة سنوات جديدة من التأزم وتعطيل عجلة بناء الدولة المدنية المنشودة.
ثالثاً: إن حل البرلمان سيرسل رسالة إلى الشركاء بعدم الرغبة بحل مشاكلهم، مما سيدخل المواقف في تصعيد جديد ينذر بمخاطر كبيرة.
وقد قالت المصادر أن كلاماً قاسياً جداً في تقييم الأداءات المتخذة في التعامل مع الأزمات سمعه الموفدان وانتهى إلى المطالبة باتخاذ أساليب الحوار مع الآخرين واحتواء المشاكل لا تأزيمها.
المصادر خلصت إلى أن المرجعية الدينية في صدد اتخاذ المزيد من الخطوات التي من شأنها إيقاف التردي في الأداءات لا سيما إزاء التفسيرات التي تبديها المحكمة الاتحادية في شأن تفسير الدستور والتي تعكس خضوعها لإرادة السياسيين أكثر من التزامها بضوابط العمل القضائي.
نفس المصادر أشارت إلى أن المرجعية الدينية رفضت أي نزوع للطائفية من أي طرف وفي نفس الوقت دعت إلى اضطلاع الحكومة والبرلمان بالتصدي لحل المشاكل التي يعاني منها الشعب بروح مسؤولة بعيداً عن حالات التأزيم والانفعال.
إلى ذك أكد خبراء سياسيون لوكالة أنباء براثا أن خطوة المالكي ـ الخزاعي لو تمت كان يمكن لها أن تعصف بالعملية السياسية وتعيدها إلى مربعات قديمة وإن حكمة المرجعية الدينية التي تدخلت في الوقت المناسب رغم نأيها طوال كل هذه الفترة من أن تتدخل لشدة تذمرها من الأداءات السياسيية مع أبناء الشعب العراقي تمكنت من قطع الطريق أمام هذا الخطر الكبير الذي أحدق بالعملية.