ومنذ هرب الوزير الأسبق ايهم السامرائي من السجن بتهم الفساد المالي، مرورا الوزير كريم وحيد الذي أجبر على الاستقالة بسبب عدم قدرته على إعادة المنظومة الكهربائية الى ما كانت عليه، ومن ثم الوزير رعد شلال الذي اتهم بإبرامه عقودا وهمية، وصولا إلى الوزير الحالي عبد الكريم الجميلي، ما زال ملف الكهرباء حديث الساعة، وما زالت ساعات التجهيز متذبذبة.
ويعاني العراق نقصاً في إمدادات الطاقة الكهربائية منذ العام ١٩٩٠ عقب فرض الأمم المتحدة حصارا على العراق، وتفاقمت المشكلة بعد العام ٢٠٠٣، فازدادت ساعات انقطاع الكهرباء إلى نحو عشرين ساعة في اليوم الواحد ما زاد من اعتماد الأهالي على مولدات الطاقة الصغيرة والأهلية.
نستورد أم نصدر؟
وزارة الكهرباء، كانت أعلنت أنها ستصل إلى الاكتفاء الذاتي خلال صيف العام الحالي ٢٠١٣، بعد أن تم التعاقد لإنشاء ٢٠ محطة كهربائية مع شركات عالمية، وهذا يعني أن أزمة الكهرباء ستحل نهائيا مع نهاية العام الحالي.
ويقول وزير الكهرباء عبد الكريم الجميلي في حديث لـ "السومرية نيوز"إن "الوزارة تمكنت من رفع إنتاج الطاقة الكهربائية من ٦٥٥٠ ميغا واط خلال شهر نيسان ٢٠١٢ ، إلى ٧٢٥٠ ميغا واط خلال شهر آيار والى ٨٠٠٠ الف ميغا واط خلال شهر أيلول بعد افتتاح عدد من المحطات الكهربائية ومنها محطة التاجي الغازية الثانية وبطاقة إنتاجية بلغت ١٦٠ ميكا واط".
ويؤكد الجميلي أن"الطاقة الحالية الموجودة لاتمثل واقع المنظومة الكهربائية نتيجة الضائعات والتي بلغت أكثر من ١٦٠٠ ميغا واط، منها ٩٠٠ ميغا واط بسبب خروج عدد من الوحدات التوليدية عن العمل لأغراض الصيانة الدورية، فضلا عن ٧١٠ ميغا واط بسبب نقص الوقود، ما أدى إلى تأخير خطة الوزراة للوصول إلى طاقة إنتاجية تصل إلى ١٠٦٠٠ ميغا واط خلال كانون الثاني الماضي ٢٠١٣".
ويقول الجميلي إن "وصول العراق إلى الاكتفاء الذاتي من الطاقة الكهربائية، يقتضي إيقاف الاستيراد باعتباره يكلف العراق مبالغ كبيرة".
ويستورد العراق الطاقة الكهربائية من إيران عبر اربع خطوط تشمل خط كرخة - عمارة الذي تم الانتهاء من ربطه في كانون الأول من عام ٢٠١١، فضلا عن ثلاثة خطوط أخرى عاملة حالياً، يتم استيراد الطاقة من خلالها وهي خط (عبادان ـ بصرة) الذي يجهز المنظومة الوطنية بطاقة قدرها ٣٠٠ ميغاواط، وخط (كرمنشاه ـ ديالى) الذي يجهز المنظومة الوطنية بطاقة قدرها ٤٠٠ ميغاواط، إضافة الى خط (سربيل زهاب ـ خانقين) الذي يجهز المنظومة الوطنية بطاقة قدرها ١٠٠ ميغاواط.
ويؤكد نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة، حسين الشهرستاني، أن "العراق سيصدر الطاقة الكهربائية الى دول الجوار بعد ان يصل الى حد الاكتفاء"، مبينا أنه "خلال صيف ٢٠١٣ ستصل الطاقة الكهربائية إلى ١٥ ألف ميغا واط، وألى ٢٠ الف ميغا واط خلال نهاية العام ٢٠١٣، ما يحول العراق لمصدر للطاقة الكهربائية الى دول الجوار عبر منظومة الربط الثماني".
والعراق، إحدى الدول التي أسست لمشروع الربط الخماسي إلى جانب سورية والأردن ومصر وتركيا والذي أصبح الآن يعرف بمشروع الربط الثماني بعد انضمام ليبيا ولبنان وفلسطين إليه.
ويقول الشهرستاني إن "المشككين بقدرة تحسن الطاقة الكهربائية في البلاد كانوا يتحدون الوزارة بإمكانيتها على إنشاء محطات خلال سبعة أشهر"، مبينا "أثبتنا لجميع هؤلاء المشككين قدرتنا على إنشاء تلك المحطات سريعة النصب قبل الفترة المحددة لها ومنها محطات ديزلات اس تي اكس الكورية".
ويضيف الشهرستاني، أن"أزمة الكهرباء في العراق ستنتهي مع نهاية العام ٢٠١٣ بعد أن تعاقدت على إنشاء٢٠ محطة كهرباء يجري العمل بها حاليا في عموم المحافظات".
ووقعت وزارة الكهرباء في نهاية العام ٢٠٠٨، عقدا مع شركة جنرال اليكتريك الأميركية لتجهيز العراق بـ ٥٦ وحدة توليدية كاملة، وعقدا آخر مع شركة سيمنس الألمانية لتجهيز ١٦ وحدة كبيرة بسعة ثلاثة آلاف ميغا واط .
كما وقعت الوزارة عام ٢٠٠٩ مع شركة karkey التركية عقداً يقضي بتجهيز العراق بـ٢٥٠ ميغاواط عبر بارجتين لتوليد الطاقة الكهربائية، حيث رست الأولى بطاقة إنتاجية تبلغ ١٢٥ ميغاواط في ميناء أم قصر عام ٢٠١٠ والثانية في ميناء خور الزبير بطاقة مماثلة في العام نفسه، فيما أعلنت الوزارة عن وصول البارجة التركية الثالثة في آب عام ٢٠١١.
وتستورد وزارة الكهرباء نحو سبعة ملايين برميل من الوقود يومياً من إيران وتركيا لسد النقص الحاصل في تجهيزها اللازم لتشغيل محطاتها، فيما خصص مجلس الوزراء مبالغ كبيرة للوزارة لاستيراد كميات من الوقود وزيت الغاز عبر التعاقد مع الشركات المجهزة من دول عربية وإقليمية.
الطاقة البرلمانية: حديث الوزارة خيالي!
وبينما تؤكد الكهرباء أن قدرتها الانتاجية في تصاعد وتعد بالمزيد، فإن لجنة الطاقة البرلمانية ما زالت تشكك في قدرة الوزارة على تنفيذ تعهداتها.
ويقول عضو اللجنة، عدي عواد إن "ما تتحدث عنه وزارة الكهرباء هو ضرب من الخيال"، مشيرا إلى أن "وزير الكهرباء يتحدث عن أمور نظرية وليس لها علاقة بواقع المنظومة الكهربائية".
ويضيف عواد، في حديث لـ "السومرية نيوز"، أن "إنتاج الطاقة الكهربائية في العراق ما زال دون ٦٠٠٠ ميغا واط على الرغم من أننا في شباط ٢٠١٣"، مؤكدا أن "بعض المناطق في العراق ما زالت تعاني من نقص كبير في إمدادات الطاقة الكهربائية تصل إلى ساعة تجهيز مقابل ١٥ ساعة قطع".
ويشير إلى أن "وزارة الكهرباء تتحدث عن محطات ووحدات توليدية تدعم المستوى الانتاجي القائم، لكن هذه المحطات لا يمكن لها أن تعمل بطاقتها التصميمية في ظروف مثل ظروف التي يمر بها العراق من انعدام للأمن والبنية التحتية".
ويؤكد عواد أن "العراق يحتاج إلى ما لا يقل عن خمس سنوات أخرى لتأهيل منظومته الكهربائية مع توفر المبالغ الكافية لذلك".
الخبراء غير واثقين
من جهته، يشكك الخبير الاقتصادي ماجد الصوري بقدرة وزارة الكهرباء على تحسين المنظومة الكهربائية في العراق خلال هذا العام أو العام المقبل.
ويقول الصوري، في حديث لـ "السومرية نيوز"، إن "جميع الكلام الذي يصدر عن مسؤولي وزارة الكهرباء بشأن تحسين المنظومة الكهربائية خلال العام الحالي والمقبل هو كلام غير دقيق"، مشيرا إلى أن "لجنة الطاقة البرلمانية لديها مصادر اقوى ومعرفة أكثر بحقيقة واقع المنظومة الكهربائية في العراق".
ويضيف الصوري أن"وزارة الكهرباء صرفت أكثر من ٢٧ مليار دولار على تطوير وتحسين واقع المنظومة الكهربائية الا أنها لم تحل مشكلة الكهرباء في العراق لغاية الآن"، لافتا إلى أن "هذه المبالغ بإمكانها أن تنفذ مشاريع للكهرباء ما بين ٢٠ إلى ٢٥ الف ميكا واط".