مبينا ان قضية المقابر الجماعية حضيت بالاهتمام البالغ من قبل المجلس الاعلى حيث حمل جميع الملفات الخاصة بها بعد الانتفاضة الشعبانية عام ١٩٩١ مباشرة ليعرضها في جميع المحافل الدولية للتعريف بحجم الظلم والمعاناة التي وقعت على الشعب العراقي ابان حكم النظام البائد.
جاء ذلك خلال رعايته للمؤتمر العام لجريمة المقابر الجماعية الذي عقد بمكتب سماحته ببغداد الخميس ٢١/٣/٢٠١٣ بحضور العديد من الوزراء وممثلي الشعب في البرلمان ورجال الدين وجمهور غفير من المواطنين .
كما شدد سماحته على ضرورة ان ينهض مجلس النواب بمهمة اصدار التشريعات التي من شأنها اعتبار جريمة المقابر الجماعية جريمة ابادة جماعية وجريمة ضد الانسانية وتجريم من يسفه او يشكك بها ،
داعيا سماحته لاقامة الصروح التذكارية لشهداء المقابر الجماعية الى جانب العمل على اقرار التعديلات المرفوعة من قبل وزارة حقوق الانسان على قانون رقم ٥ لسنة ٢٠٠٦ ، وتعويض ذوي شهداء المقابر الجماعية بتعويضات مجزية للأضرار النفسية والمادية التي لحقت بهم جراء هذه الجريمة ،
مشددا على ضرورة رعايتهم وتهيئة فرص عمل لأبنائهم ، مطالبا وزارة التعليم العالي والبحث العلمي لتوفير مقاعد مجانية في الدراسات العليا وزجهم في بعثات تطويرية خارج العراق وداخله .
الى ذلك حث سماحته وزارتي التربية والتعليم العالي الى تضمين مأساة المقابر الجماعية في المناهج التربوية والتعليمية والدراسية ودعوة الوزارات ذات العلاقة كوزارة الصحة والدفاع والداخلية والبيئة ومؤسسة الشهداء ومفوضية حقوق الانسان للتعاون مع وزارة حقوق الانسان لتقديم التسهيلات اللازمة للكشف عن المقابر الجماعية ،
داعيا الحكومة العراقية لان تضطلع بدروها في انشاء مختبرات عديدة لفحص الحمض النووي للتعرف على هويات الضحايا وتأهيل كوادر وطنية مختصة بهذا الشأن وتكثيف الجهود لفتح كافة المقابر الجماعية في عموم العراق ورصد الميزانيات اللازمة وزيادة فرق العمل المكلفة بهذه المهمة ليتسنى اعداد قاعدة بيانات لجميع شهداء المقابر الجماعية.
وعلى الصعيد الاجتماعي شدد سماحته على اهمية تسليط الضوء على جريمة المقابر الجماعية واقامة ورش عمل لأيضاح الاثار السلبية لهذه الجريمة على المجتمع العراقي داعيا سماحته منظمات المجتمع المدني لاخذ دورها في نشر ثقافة الحفاظ على المقابر الجماعية وكيفية تعامل المواطنين في حال اكتشاف مقبرة جماعية لتتكامل جوانب الرؤية الرامية الى معالجة قضية المقابر الجماعية .
وبين سماحته ان الشعب العراقي كان ولايزال وسيبقى يمثل التجمع البشري الاكثر قدما وغنى وتنوعا وانفتاحا بين بلدان العالم ، موضحا ان المجلس الاعلى وتيار شهيد المحراب رفع شعار الدولة العصرية العادلة ،
موضحا انه لامعنى لدولة عصرية عادلة اذا لم تحترم خصوصية التنوع والتمايز العراقي ولم تنطلق من وحدة التراب العراقي والمساواة الكاملة بين جميع العراقيين في حقوق المواطنة وتكرس حقوق الانسان وكرامته وحقه في الاختلاف الايجابي الذي يتجلى في صناديق الاقتراع، مبينا ان الخطوة الاولى للعمل من اجل ذلك كله هو الخروج من التفسيرات الضيقة والاحادية واحترام نظراتنا الى الواقع ازاء القضايا المختلفة ، مؤكدا ان كل فعل أو حركة باتجاه اضفاء لون واحد او سلوك واحد على بقية المكونات والاطياف انما هو سلوك لا ينبغي اعتماده لانه لا يؤدي الى معطيات ايجابية وسيكون الخاسر الاكبر فيها الوطن والمواطن .
وعلى هامش المؤتمر اطلع سماحته على معرض الصور الذي اقامته وزارة حقوق الانسان والذي يوثق جرائم النظام البائد في المقابر الجماعية حيث الوثائق وهويات الضحايا وملابسهم التي دفنت معهم بشكل لا يقبل الشك في بربرية النظام ودمويته التي فاقت كل الجرائم في العصر الحديث .