مع تسارع الأحداث في العراق نحو التصعيد أكثر منه الى التهدئة خاصة مع وصول تقرير سقوط الموصل وجريمة سبايكر إلى البرلمان وتحميل شخصيات مهمة ومؤثرة مسؤولية السقوط والتسبب بإزهاق أرواح الآلاف من أبنائنا الأبرياء،تضاف عقدة جديدة الى منشار ألعبادي وهو يقص شريط إصلاحاته المتعثرة بكثير من التناقضات والتردد والأمنيات والخوف والقلق.
ومن بين أكثر الأسماء تأثيرا في سير الأحداث القادمة يقف رئيس الوزراء السابق نوري المالكي كمتهم اول في قضية سقوط الموصل ونحر الآلاف من أبناء محافظات الوسط والجنوب على يد العصابات البعثية والداعشية .
وتورط المالكي او تحميله والآخرين مسؤولية ما يجري في العراق ألان ليس أمرا مفاجئا طالما ان الرجل كان يمسك بمقود القيادة الأمنية والسياسية والعسكرية ،ومع إعلان اللجنة البرلمانية لنتائج تحقيقها يكون الجميع امام حقيقة لا غبار عليها وهي ان المالكي ومن اعلن عنهم هم المسؤولون عن الانكسارات التي حدثت أمام داعش وعن المشاكل التي رافقت هذا الانكسار.
ان مهمة ألعبادي لن تكون يسيرة في إغلاق ملفي سقوط الموصل وجريمة سبايكر وهو يطلب من القضاء والنزاهة حسم الملفات،لان هذا الملف يحتاج الى الجرأة والى الإقدام والى مقدمات صحيحة واهم هذه المقدمات هو إحالة مدحت المحمود الى القضاء وتطهير القضاء من الفساد والمفسدين ومن المرتبطين والذين يدورون في فلك نوري المالكي.
ان بقاء مدحت المحمود يعني تسويف قضية الموصل ويعني تسويف قضية سبايكر ويعني تبرئة المالكي ويعني الوقوف بوجه المرجعية ويعني توسع دائرة الفوضى والانفلات والاتجاه الى دولة اللا دولة.
ان بوادر التمرد يمكن ملاحظتها من رفض قبول استقالة المحمود من قبل زمرة القضاة وهم يجاهرون بتمردهم لتوصيات المرجعية التي طالبت بتطهير القضاء وتخليصه من الفاسدين ويمكن ملاحظتها أيضا بتصريح المحمود من ان قرارات البرلمان غير ملزمة لمحكمته ويمكن ملاحظتها في تصريحات أعضاء دولة القانون وهم يعلنون رفضهم لقرارات اتهام المالكي كونها مسيسة وإنهم سيحرقون العراق ان حوكم ألسامري وعجله.
ان المالكي وأعضاء دولته ومقلديه سيحاولون خلط الأوراق وبعثرة القضايا وإدخال البلد في فوضى القتال الداخلي دون ان يراعوا اوضاع العراق الخاصة التي يعيشها يساعدهم في مهمتهم الدواعش والبعثية وكثير من المغفلين لان اولوية هؤلاء بقاء المالكي.
ان على العبادي ان يحدد الأولويات الاكثر خطورة واعتقد ان اهم هذه الأولويات هو تشكيل محكمة عادلة للنظر في ملفات الموصل وسبايكر واختلاس المال العام وفرض هيبة القانون وسلطة الدولة مدعوما بقوة المرجعية ومد الشارع العراقي دون انتظار عطف المحمود وزمرته.
ان دوافع المالكي للتمرد اكثر من دوافعه للتسليم بقضاء الله وقدره فهو لا يزال يرى في نفسه القوة العراقية الاولى ولا يزال يرى في نفسه القوة الاقتصادية بما اختلسه من موازنات السنوات الفائتة وبما يقدر بعشرات بل مئات المليارات من الدولارات ولا يزال يرى في نفسه القوة القضائية بوجود المحمود وغيره ولا يزال يرى في نفسه القوة البرلمانية بما لديه من نواب لا يعرفون غير عبادة المالكي ولا يزال يرى في نفسه القوة الاعلامية الكبيرة بما يملكه من جيش الكتروني قوامه خمسة الاف يدافعون ويردون ويُسقطون في الاخرين وايضا لا يزال يرى قوته في الشارع العراقي بما لديه من اتباع لا يفرقون بين الناقة والجمل .
لا شيء في فكر المالكي غير السلطة ومع تقرير سقوط الموصل وجريمة سبايكر فان المالكي ربما يفقد حياته وليس السلطة .لكن هل يسلم المالكي بحقيقة وجود دولة عراقية في طريقها الى الإصلاح والتغيير ام انه يفرض واقعه وهو عدم الاكتفاء بضياع الموصل بل يتسبب بضياع العراق من كركوك الى الجنوب.