الكلام عن الإرهاب وتفشيه وسيطرته وسطوته في بعض محافظات البلاد، والحديث عن دحر الإرهاب وتراص الصفوف ووقوف العراقيين بكافة أطيافهم بوجهه كان كلاماً رائعاً اقنع الحاضرين في القمة وأثار اهتمامهم.
تحدث المالكي عن المصالحة الوطنية وعن همة العراقيين في مواجهة جميع الأزمات التي حلت بهم ودعا العرب ممن مر بهم الربيع ان يقتفوا اثر العراق وان يستنسخوا تجربته رغم ان الاستنساخ الكامل ليس ممكناً.
وعندما عرج المالكي على الجانب العربي كان مميزاً جداً في طرح الحلول الناجعة والأفكار المحكمة للتغلب على المشكلات التي قد تواجه ثوراتهم الواعدة وحكوماتهم حديثة العهد بالديمقراطية، تحدث المالكي بصدق عن تجربة العراق التي عمدت بالدماء وعن إمكانية أنّ تكون التجربة العراقية مشعلاً لجميع الثورات التي تلتها والتجارب التي لحقتها.
اما عن موضوعة حل الأزمات والمشاكل الخارجية بالحوار والتفاهم وتطويق الأزمات فقد كان خطابه يمثل منهجاً متكاملاً يمكن ان يكون ديباجة للقمم المقبلة، فقد طرح رئيس الوزراء عدداً من الأطروحات التي من شأنها حلحلة جميع الخلافات التي قد تواجه المنطقة أو الإقليم أو العالم بأسره، ولم يدر بخلد احد أنّ هذا الكلام وهذه الأفكار كانت قد طرحت من قبل ولم تجد من يسمعها او يستثمرها لحل أزمات داخلية وخارجية حدثت قبل أشهر أو أسابيع أو أيام من القمة.
يعرف الجميع ان السيّد عمّار الحكيم كان قد أطلق عدة مبادرات لحلحلة الأزمات الداخلية وتخليص الناس من نزاع المتسلطين وتداعيات ذلك على حياتهم، كما انه واقصد السيّد الحكيم تصرف في الكثير من الأحيان وكأنه الأب الراعي لمصالح العراقيين، منها على سبيل المثال موقفه من تركيا وكيف ان السيد رئيس الوزراء كاد في تصريح مستعجل خال من المسؤولية ان يشل العلاقة بين البلدين الصديقين لولا تدخل السيّد الحكيم وتهدئة الأوضاع في فترة كان العراق بأمس الحاجة فيها إلى التهدئة وعدم فتح جبهات أخرى كفيلة بزعزعة استقراره.
موقف آخر كان للسيّد الحكيم فيه الدور الأكبر في إعادة الأمور إلى نصابها وعدم خلق أزمة كاد المالكي والعامري وغيرهم ممن لا يعيرون أهميّة لتداعيات الأزمة أنّ يفتعلونها لولا حكمة الحكيم وزيارته للدولة الشقيقة تلك التي أتت أوكلها في القمة العربية، حيث كان التمثيل الرسمي الأكبر والاهم في قمة بغداد هو لدولة الكويت بحضور أميرها الشيخ الصباح بمعزل عن جميع دول الخليج العربي التي أرسلت احدهن سفيراً مقيماً وأرسلت الأخرى قنصلاً.
إنّ كلمة السيّد المالكي في القمة العربية كانت نسخة بالكاربون عما كان يطلبه السيّد الحكيم ويقوله مراراً وتكراراً، ولا أدري لماذا يترفع ساستنا عن الاستفادة من حكمة ودراية الغير ويعتبر الأخذ بالنصيحة سبة أو منقصة؟
ألا يستحق أبناء العراق أنّ تتظافر جهود قادته وساسته لأجل بناءه والحفاظ على دماء أبناءه وتحقيق الأمن والعدالة والرفاهية؟
أليس من الأفضل التفاهم والتحاور بدلاً من التراشق والاقتتال؟
الم يكن أجدر بالمالكي الاستماع إلى السيّد الحكيم والتعامل مع مبادراته بجدية ومسؤولية؟
أخيراً كشفت كلمة الأستاذ المالكي في قمة بغداد عن أن مبادرات السيّد الحكيم كانت واقعيّة وأثبتت أن حراكه الذي امتعض منه البعض هو الحراك الاصوب والعلاج الشافي للكثير من الأمراض التي قد تصيب جسد الأمة.