ويشكل المأوى اهميه قصوى حيث إنه يشكل الملاذ الأمن للإنسان من التشرد والضياع وبنفس الوقت تحفظ للإنسان قيمته ووجوده فالإنسان بلا مأوى كأنه عاري تتقاذفه امواج التقادير.
أن هذه ضمن حقوق الإنسان التي نصت عليها الشرائع فالسكن يؤكد عليه الدين الاسلامى في الاية الكريمة (يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنه )وكذلك المبادئ الانسانيه.
ويأتي التعامل مع الآخرين ليشكل أحد الأحجار الأساسية في بناء الكرامة فالإنسان عندما يحصل على الاحترام والتقدير خلال تعامله قوات الأمن والشرطة وموظفي الدولة حيث لا يتعرض إلى الإهانة مع الفئة الأولى والتجريح و الإهمال والتجاهل من الفئة الثانية إن هذا السلوك يولد لديه الإحساس العميق بأنه منبوذ وقليل الأهمية ،
والمحور الأخر لكرامة الإنسان فهي إحساسه وانتمائه إلى وطنه عندما يكون الوطن يشكل عز ورفعة من حيث مكانته الدولية وقيمة نقده وتعامله مع الدول المجاورة ويدافع عن الفرد عند تعرضه إلى أزمة وهو خارج وطنه. أن الكرامة تعزز عندما يشعر الإنسان وهو خارج وطنه بأنه محاط بسياج من الحماية والأمن فالوطن أخذ في السنين الأخيرة مفهوم كبير حيث يشكل جزء كبير من هوية الإنسان وانتمائه فيحاسب ويعامل بناء على هذا الانتماء.
أن تنازل الإنسان عن جزء من كرامته نتيجة تعرضه لحالات الخوف والرعب والحب والفقر تؤدي إلى ردود فعل متباينة منه فقد يتحول إلى إنسان طيب ودود يلتمس الخير للآخرين أو مجرم قاسي عنيف يمارس درجات متباينة من القسوة . وهنا تأتي العلاقة بين الحرية والكرامة فتوفر الحرية مع فقدان الكرامة تجعل الإنسان يمارس أدوار من الضغط والإيلام الجسدي والنفسي على الآخرين ليبرر ما تعرض له من امتهان لكرامته وأنه قادر على إيقاع الأذى بهم كما وقع الألم له وهذا لا يعني أن الحرية يجب أن لا تمنح ولكن يجب أن يرافقها قضاء عادل ومحاكم متخصصة وقانون يشمل الجميع دون تمييز .
أن فقدان الكرامة تولد أحساس وشعور طاغي ينفجر على شكل بركان لا سبيل لكبحه ويكون حسب موقع الشخص في المجتمع عندما يتوفر له الفضاء الواسع لممارسة دوره فالشعور الجمعي الذي تكلم عنه غوستاف لوبون في كتابه (روح الجماعات ) يولد عندما تجتمع هذه الفئات المسحوقة المغبون حقها المصادرة كرامتها فتحاول الثأر لما ألم بها من قهر وإذلال فالحرية وفقدان الكرامة هي التي دفعت بجموع الثائرين أن تقرر مصير الحكام وتهدم صروح تاريخية مهمة وليس يوجد تفسير لهدم تمثال بوذا إلا هذا الشعور الجمعي الناجم عن الحرية زائد فقدان الكرامه.
أن ما حدث في صبيحة الرابع عشر من تموز في العراق كان نتاج الحرية زائد غياب القانون اختلطا إلى حد بعيد مع فقدان الكرامة وكان هنالك رغبة عارمة للتعويض عن النزعات المكبوتة التى انطلقت كمارد لايلوي على شئ.
أن الأديان والمبادئ دعت إلى كرامة الإنسان التي اعتبرتها تتحقق بالتعادل بين سلوك الفرد والمجتمع، بين طموحات المواطن وسلطة الحاكم و لا تتعارض طموحاته مع المصلحه العامه وهنا يسير الزمن في صالح الإنسان ولا يسود الكذب والقمع والاضطهاد
ويبقى السؤال هل الآخرون فقط هم مسئولون عن امتهان الكرامة وما يتبعها من عبث بالحرية الممنوحة ؟ الجواب كلا أن الإنسان مسئول إلى حد ما عن امتهان كرامته عندما يتحدى القوانين والأنظمة عندما يسمح لنفسه إن ينزل إلى مستوى البهيمة في العلاقات عندما ينهب ثروات وطنه عندما يستغل الطفولة لإشباع نزوات وحشية . إت للنزعات داخل النفس الإنسانية كالجزع عند المصائب والكذب والسرقة والغدر والتعامل التجاري الخاطئ فهي مفتاح إلى مهانة الفرد وتقليل من شأنه في المجتمع وتدفعه إلى الجريمة وهذه النزعات يجب أن تعالج وتقوم وإلا فأنها تبرعم داخل النفس الإنسانية وتضطرب بجورها تتحول إلى وسرق قوت الآخرين وقتلهم.
أن الحرية والكرامة متلازمان إلى حد بعيد وضروريان لبناء المجتمعات فالمفكرين والعلماء ابتعدوا عن التمرغ تحت اقدام الطغاة وخلقوا لأنفسهم مقومات الكرامة بالرضى بأقل ما يمكن من حاجات الحياة الضرورية ليقدموا إبداعهم إلى المجتمع أنه الصراع القاسي من أجل بناء الإنسانية .