ومعروف للكثيرين أنّ أغلب العوائل العراقيّة تمتلك من الناحية الواقعيّة للسلاح، ورُبّما تمتلك أكثر من قطعة سلاح من دون تراخيص رسمية، وحرص معظم العوائل على امتلاك السلاح ينطلق من شعورها بأهميته الذي يرتبط بدوره بعدم ثقتها بوجود سلطة حكومية رسميّة يمكن أنّ توفر لها الحماية الحقيقية، وهذه قضية تستحق مناقشات وأبحاث طويلة ومفصلة.. وقد يسأل بعض الناس انه إذا كانت الأوضاع الأمنية قد تحسنت وفي طريقها إلى المزيد من التحسن وان الحكومة باتت أقوى من قبل، وقوات الجيش والشرطة والأجهزة الأمنية أصبحت أكثر عدة وعدداً وأكثر خبرة وتجربة وحرفية فلماذا تقدم الحكومة على اتخاذ هكذا قرار في هذا الوقت، بينما كان المفروض أن يتخذ مثل هذا القرار إذا كانت له ضرورة في زمن تصاعد موجة الإرهاب وخروج الكثير من المناطق عن سيطرة الحكومة ووقوعها في قبضة الجماعات الإرهابية.
بصراحة قرار الحكومة المذكور أمّا جاء متسرعاً وغير مدروس، ولا يخرج عن سياقات التخبط والارتجال القائمة على قدم وساق، أو أنّ أهداف خفية تقف ورائه.. وفي كلتا الحالتين فأن النتائج السلبية لن تكون قليلة.. وقد تصل إلى مستوى الكوارث السياسية والاجتماعية والأمنية، وازدياد معدلات ونسب الجرائم واحدة من بين تلك النتائج، وإمكانية نشوب نزاعات وصراعات أهليّة تهدد السلم والأمن الاجتماعي وتفكك لحمة المجتمع، فضلاً عن ذلك فأن ذلك القرار يمكن أنّ يفتح منافذ ويوفر غطاءات لجهات خارجية لكي تعبث بأمن البلاد.
والعراق فيه ما يكفي من المشاكل والأزمات والاضطرابات ولا يحتاج إلى قرارات تبيح امتلاك وحمل السلاح مثل أيّ شيء آخر يحتاجه الناس في حياتهم اليومية ولكنّ ليس للقتل وتصفية الحسابات.