تشهد العلاقات الثنائية بين المجلس الأعلى الاسلامي العراقي وحزب الدعوة تطوراً ملحوظاً بعد أنّ كانت الأمور تسير باتجاه آخر منذ انتخابات مجالس المحافظات وصعود المالكي الصاروخي إثر تكتيك قام به الاخير لم يكن مرضياً من قبل قيادة المجلس الاعلى حيث تم تجيير منصب رئاسة الحكومة واستغلاله إعلاميّاً لخدمة هذا الصعود رغم أنّ المجلس كان الداعم والموجه لبوصلة الحكومة خلال فترات حرجة من تاريخ العراق، حيث قاد تحالفاً رباعياً أنذاك بشراكة حزب الدعوة والحزبين الكرديين وموافقة الحزب الإسلامي لمنع حكومة المالكي في دورتها الأولى من السقوط والإنهيار إثرَ انسحاب العراقيّة والصدريين والفضيلة فكان المغفور له السيّد عبد العزيز الحكيم صمام أمان وقائد من طراز خاص يرى الامور بشكل مختلف ويغلب مصلحة الوطن على كلّ المصالح فحفظت رؤيته الوطن ومشروعه السياسي من الضياع وكذلك ينظر اليوم وبنفس العقلية وبنفس التوجه السيّد عمّار الحكيم وقيادة المجلس الاعلى التي نأت بنفسها عن الخوض في المهاترات وحرب التصريحات لتؤكد العزم على إيجاد الحل وإخراج البلاد من عنق الزجاجة وسط أزمة معقدة صنعتها أطراف تعتقد أنّ مصالحها تتحقق بالتأزيم. وبالعودة للتقارب الذي أصبح أمر واقعا كما هو الحال قبل وبعد سقوط نظام البعث المجرم بين المجلس والدعوة وافق العلاقات ومسيرتها تاريخيا والتي انتجت مشروعاً عراقياً ناضجاً يرى بعض المتابعين ممن عايشوا أغلب فصول هذه العلاقة ان إمكانيات تطويرها وبنائها بما يخدم المشروع الوطني مرهون بمدى الجدية في التعامل مع ذلك الأمر كما ان رؤية المجلسيين التي تؤثر وتغلب الابتعاد عن تقديم المصالح الخاصة على المصالح العامة هي التي ستعبر بها من حالة الركود الى الفاعلية والحركة خصوصاً ان المقبولية الكبيرة لطروحات المجلس والسيّد الحكيم ستشكل ضمانة حقيقية مقبولة للأطراف الاخرى التي ستتعامل مع حزب الدعوة بشكل مغاير لما تتعامل به اليوم كونها قد فقدت الثقة به وستعيد بناء الثقة من جديد عبر توطيد هذه العلاقة والدوران في فلكها والتي سيكون محورها المجلسيون بلا ريب وهذا ما يذهب إليه بعض اقطاب الدعوة ممن شخصوا الامر ونظروا بعين المصلحة ليجدوا ان السفينة ستغرق ان لم يتنزلوا للحكيم بوصفه الشخصية صاحبة الثقل والقدرة على التأثير والذي ثبت واصر على السير في ركب المشروع الوطني العراقي، من هنا يوضح القيادي في المجلس الاعلى الاسلامي العراقي باقر جبر الزبيدي ان حزب الدعوة قدم خلال لقاءاته الاخيرة مع قيادة المجلس الاعلى مقترح تحالف غير مشروط يتضمن الدخول في قائمة واحدة يعبر عنه بتحالف الألوان في الانتخابات المقبلة، مؤكداً ان هذا التحالف سيضمن حقوق الكتل كافة لان أصوات الناخبين ستذهب للكتلة المنتخبة وليس للكتل الاخرى في التحالف كما حدث في الانتخابات الماضية. التي غبن فيها تيار شهيد المحراب بشكل واضح وكبير وعلى الرغم من عدم إبداء المجلس أيّ رد فعل إزاء هذا المقترح لكنّه يؤشر بلا أدنى شك حالة التقارب وسينقل العلاقات بين الطرفين الى مراحل متقدمة اعتقد ان صدقت نوايا الدعاة وعملوا بشكل منسجم مع التوجهات العامة المراد لها أن تؤسس لدولة قوية تحترم فيها الالتزامات وتتفق فيها الرؤى، فأن هذا التحالف وهذه الروابط ستسهم في حلحلة كلّ الازمات وتدفع العملية السياسية الى امام بشكل واضح وغير مسبوق قد يؤسس لحالة من الاستقرار السياسي, ان على نواب دولة القانون والقوى الاخرى التي دخلت حلبة الصراع ان تفهم الدرس جيدا وان لاتنساق وراء حالة التصعيد وان لاتحول العمل السياسي الى صراع قومي او مذهبي او آيدلوجي ضمن اطار المكون الواحد لان ذلك سينعكس سلبا على اوضاع البلاد وسيُخسرالقوى التي تسير بهذا الاتجاه جزءا كبيرا من شعبيتها وقواعدها كما ان الرهان على التصعيد والشحن وكسر الارادات لم يعد رهاناً صائباً، لان الشعب العراقي يفهم اليوم اكثر من أيّ وقت مضى من يحاول ان يقفز على وعيه ويدخله في متاهة جديدة لا يريدها ولايعلم أين تنتهي أو كيف يخرج منها.