يستذكر العراقيون اليوم شهداء المقابر الجماعية ،هذه المقابر التي كانت عنوانا لحقبة سوداء من تاريخ العراق في ظل نظام دكتاتوري لم يعرف سوى لغة الدم والقتل في تعامله مع ابناء الشعب العراقي الذي رفض سياساته المقيتة ،خارطة العراق بحجمها الكبير كانت مقابر لابنائه وتم اكتشاف الكثير منها بعد احداث ٢٠٠٣ وما زال هناك الكثير لم يتم اكتشافها ،وتحوي رفات اناس ابرياء لم يرتكبوا اية جريمة لتكون عقوبتهم الدفن وهم احياء تحت الارض ،سوى انهم ضحايا لسياسة نظام اتسم بالوحشية ودليل ذلك ان المقابر الجماعية التي تم اكتشافها تحوي رفات اطفال وشيوخ ونساء ،اي نظام كان يحكم العراق وباية عقلية اذا كان خصومه النساء والاطفال والشيوخ الابرياء؟بما لايقبل الشك ان المقابر الجماعية كانت مشتركة لكل مكونات الشعب العراقي من كردستان ومرورا الى الغرب والوسط والجنوب ،ولكن حصة الاسد كانت للكرد فيها من الاعداد التي تم اكتشافها ،في دليل فاضح على ترجمة التجرد الاخلاقي لمرتكبي هذه الجريمة النكراء ومعها تعجز كل كلمات الاستنكار والادانة عن الوصف ويكون الكاتب خجولا ماذا يقول عند تناوله هذه الجريمة لان الكلمات ومهما كان حجمها لايمكن ان توازي حجم التضحيات التي قدمها ابناء العراق ،من قراءة المقابر الجماعية المتابع يتوصل الى نتيجة مفادها ان النظام الاجرامي كان يخشى الشعب الذي رفض سياساته في مناسبات عديدة ،وعقلية النظام كانت تعتبر دفن الابرياء وهم احياء انتصارا دون ان يعلم انها البداية لنهاية حقبة سوداء في تاريخ العراق ودليل على الادانة وفضح العقلية الاجرامية ،وها هم العراقيون يستذكرون شهداء المقابر الجماعية ويلعنون تلك الحقبة في حكم العراق ،استذكار شهداء المقابر الجماعية يجب ان لايقتصر على يوم واحد من كل عام بل في كل مناسبة ،لان المقابر الجماعية التي لجأ اليها النظام كان الدليل الواضح لرفض سياسات النظام سواء في كردستان او جنوب ووسط العراق خلال الانتفاضة الشعبية التي دكت المسمار الاخير في نعش النظام البائد ،الاستذكار يجب ان يكون بداية بانصاف ذوي الضحايا وبما يوازي حجم التضحية ،ومن جانب اخر توثيق الجريمة واسبابها وجعلها مادة منهجية في الدراسة لتطلع الاجيال المقبلة على مدى الاستهانة بحقوق الانسان في ظل نظام البعث الصدامي ،ومن ثم توثيق الجريمة ودراستها في مؤتمرات دولية ،النقطة الاهم جعل الاستذكار نقطة البداية لتجاوز الخلافات بين الكيانات السياسية وانهاء الازمة السياسية وفاء لدماء الشهداء والتي لولا هذه التضحيات لم يكن المشهد كما هو الان.