هذا الوجه الظاهر للعملة ، أما الوجه المخفي أو الغامض منها فأنه ربما سيبدو على النحو التالي :
إن عملية التصويت الناجحة بخصوص سحب الثقة من المالكي لا تعني إبعاد المالكي السريع عن رئاسة الحكومة / بل أنه سيبقى ـــ بعد الإقالة ـــ رئيسا لحكومة تصريف الأعمال ، إلى أن يتم ترشيح ومن ثم تعيين رئيس حكومة جديدة ، ــ طبعا ــ بعد مفاوضات عسيرة و شائكة ومعقدة ، بين عشرات من أحزاب وتيارات وجبهات واتحادات وتجمعات وتنظيمات سياسية سيتفاوضون فيما بينهم بحدة وشدة ، حول المناصب الرئاسية والمناصب السيادية و المناصب الخدمية و الأمنية و غيرها ، قد تستغرق شهورا طويلة ، أن لم تكن سنينا !! ، بينما المالكي سيبقى رئيسا لحكومة تصريف الأعمال ، و في أثناء ذلك سيقترب رويدا رويدا موعد الانتخابات القادمة ..
فأليس من الأفضل ترك المالكي وشأنه طالما الوقت قليل إلى هذا الحد ، بل إعطاءه مجالا كاملا لاختيار أعضاء حكومته بنفسه ومن الأشخاص الذين يختارهم بنفسه و ذلك بغية تجريده من كل المبررات والذرائع والحجج والتي قد يسوقها ــ في حالة فشل حكومته مجددا ـــ وتركه يعمل بدون قيود أو معوقات سياسية أو نيابية حتى مطلع الانتخابات المقبلة / فإذا تمكنت حكومته الافتراضية تلك ، من تقديم خدمات وإنجازات جيدة وملموسة ومثمرة من أجل خدمة المواطن العراقي ، فذلك سيكون خيرا على خير ، وسيسجل لصالحه كنقاط إيجابية ، أما إذا فشل وهذا الاحتمال ممكن جدا ــــ فأنه سيكون قد حرق نفسه ــ طبعا سياسيا ــ وينتهي في نظر الشارع العراقي كزعيم سياسي فاشل ورئيس حكومة خائب / وعلى ضوء ذلك سيخسر الانتخابات أيضا ..
فكل ما يخشاه الشارع العراقي هو التالي : فبعد عملية سحب الثقة الناجحة من المالكي ــ وهو احتمال ضئيل ـــ ربما ستحدث عملية دخول في دوامة سياسية طويلة ومراوحة عريضة تحت نقطة الصفر ، تتخللها خلافات ومساومات و مشاجرات ومخانقات على المناصب والنفوذ ، قد تستمر حتى مطلع القرن القادم !!، سوف تنعكس كل ذلك أضرارا على الشعب العراقي أكثر فأكثر ، بدلا من أن ينهي معاناته الحالية ..
فالشارع العراقي يتذكر جيدا كيف أنه بعد كل انتخابات ، استغرقت عملية تشكيل الحكومة أو تعيين رئيسها فترات طويلة دامت بين ستة أشهر أو سنة تقريبا ، حتى " ولدت " الحكومة ولكن بشكل هش ومتزعزع ، غالبا ما تحمل في داخلها مبررات و أسباب انهيارها السريع أو جمودها الطويل !!.
كما هي الحال الآن ..