فجاء كينونة سياسية حملت راية الجهاد في وقت إنعدمت فاعلية أي كيان سياسي معارض حينذاك.. ومذ ذاك تأبط المجلس الاعلى منهجيته الفريدة في المقارعة الجهادية والسياسية.. ليكون أنموذجاً في اندكاك الرموز العلمائية من آل الحكيم في خضم المجابهة السياسية المعاصرة..
من هناك كانت بداية انطلاقة المجلس الاعلى الرامية للإطاحة بالنظام الدموي، ولينصرف قادته في إدارة العمل العراقي المعارض من وجهته التي تمثل الوجود الإسلامي والوطني.. ولينهمك المجلس في مخاض عمل شاق ومتواصل وبالتنسيق مع باقي الوجودات العراقية المعارضة في الخارج ليتحقق فيما بعد وبعد عقود طويلة الهدف الأكبر بزوال النظام الصدامي..
وحينذاك تمترس المجلس كمعبر عن هموم المعوزين والمحرومين عقب انبلاج نور الحرية والديمقراطية، وليلعب هذه المرة دوره بوجهة سياسية أكثر إصراراً على بناء الدولة وانتشالها من وهدة الخراب الذي ألم بها خلال عقود الحكم البائد..
لم يقتصر حراك المجلس الاعلى على العمل السياسي.. بل انطلق في مخاضات عدة تهدف لوضع لبنات تأسيس الدولة الفتية.. فكان وجوده مؤثراً في اللجان الفاعلة التي وضعت أسس الدولة واثافيها ودستورها..
ولما للمجلس الاعلى من حجوم تأثير وعلاقات وثيقة مع الجميع فقد لعب دوراً محورياً ورئيساً في صلب العملية السياسية التي قامت بعيد سقوط النظام البائد، ليتمثل بالقوة كفاعل في تحريك مواطن الجمود السياسي في أحيان وليتشكل كصمامٍ لتنفيس الازمات وتصفيرها في أحيان أخرى.. حتى غدا جسراً يوشج بين فرقاء السياسة إذا ما ألمت الملمات بساحتهم.
فالمجلس الإعلى بما له من عمق تأريخي ضارب و ثقل جماهيري كبير.. وحجم تأثير واسع.. وعلاقات وثيقة مع مختلف الفصائل والتكتلات والوجودات السياسية والجماهيرية والعشائرية والنخبوية كان في طليعة الرايات التي تقدمت ركب المحرومين واصبح يمثل جانب المواطنين وطبقات المعوزين رغم عدم تمثله بثقل قوي في الوجودات التنفيذية بفعل سياسة الإيثار السياسي التي كان يتعاطى بها ويرفع شعارها في مواطن كثيرة حتى عرف عنه بانه (أم الولد) .
بالامس وخلال مناسبة استذكار رحيل شهيد المحراب اية الله السيد محمد باقر الحكيم قدس سره الشريف في اليوم الذي جعل كيوم لإستذكار تضحيات الشهيد العراقي وبجميع تلوينات اولئك الشهداء وارتباطاتهم وبكافة فصائلهم وانتمائاتهم .. في ذلك اليوم .. شهد المحبون والمبغضون.. ذلك السيل الجماهيري.. ومن عدة محافظات عراقية وفي وقت واحد.. ذلك الزحف الذي اعرب عن ولائه وحبه واندكاكه مع تيار شهيد المحراب الذي يعتلي هرمه المجلس الاعلى .. فمن ستة عشر محافظة عراقية زحفت تلك الجماهير لتحتفي بتضحيات شهداء العراق.. في يوم الشهيد العراقي.. ولتستذكر ذلك العروج الملكوتي لشهيد المحراب اية الله السيد محمد باقر الحكيم.. رحيل أخيه عزيز العراق.. مرددين بحناجز ملؤها الثقة والإصرار هتافات تصم الانحاء.. تؤكد على السير في نهج الاصلاح والتغيير.. ومشددة على ضرورة تفعيل خطوات البناء والاعمار.. ومعلنة رفض ونبذ كل حالات الإصطراع السياسي على حساب المواطنين من قبل قادة الكتل السياسية وزعامات البلاد وقادته.. داعين الى حتمية الإستظلال بمظلة الدستور والإنصياع للتوافقات السابقة المتسقة معه.. وطرح كل محاولات تبعيض الدستور وبنوده.. وتعويم وتسويف فقراته..
ويؤكد مراقبون ان المجلس الاعلى قد انطلق بالفعل في حراك جديدة خلال الاعوام الاخيرة رائده في تلك الانطلاقة التجديد والإصلاح وخدمة المواطن والبلد.. فقابله المواطنون بالمقابل.. بالوفاء والتأييد والتسديد والولاء..