لاشك إن قيام الدّولة يحتاج إلى مرجعية تشكل أساس الشرعيّة التي يستند إليها أيّ مواطن أو فئة اجتماعية أو سياسيّة في تأكيد مطالبه أو إثبات مشروعية سلوكه السياسي وتصبح وجهة النظر الفردية أو الفئوية هي المرجع وبالنسبة للعراق فأنه بلد في مرحلة انتقالية من مرجعية دكتاتورية كان فيها رأي الحزب القائد ممثلاً بشخص الدكتاتور هو المرجع في تقرير المشروعيّة لكلّ ما يدور في البلد، أمّا بعد انهيار النظام الدكتاتوري وسقوط المرجعية المتمثلة برغبات وأوامر الدكتاتور صارَ البلد يبحث عن بديل للمرجعية، صحيح أنّ الجميع يعلم بأن الديمقراطية هي البديل المتفق عليه لكنّ هناك الكثير من التفاصيل تحتاج إلى تثبيت في الثقافة السياسية للمواطن وللقادة على حدٍ سواء على إننا نرى الكثير من القادة معهم جماهيريهم يريدون تتسع الديمقراطية تنظمن رغباتهم أيضاً حتّى لو كانت تخالف الدستور والنظام الديمقراطي، وهذا يبدو هو المأزق فكلاً يريد أن تكون ديمقراطية مفصلة على مقاسه، والأدهى من ذلك إنّ المسؤول في الدّولة العراقيّة هو خصم لكلّ من هو خارج المسؤولية، فالمواطن يرفع الكثير من المطالب المشروعة وغير المشروعة وإننا نرى المسؤول متهم بالإهمال وخصوصاً في ملف الأمن، لكن ما أن يحاول المسؤول ممارسة دوره حتى نراه متهم وعلى هذا فان البلد معطل فعمليات إلقاء القبض على المتهمين في ملفات الإرهاب حتّى أنّ الإعلام غير المؤمن بالعمليّة السياسيّة والساعي إلى إسقاطها سيكون هو صاحب القول الفصل في هذه الملفات وليس القضاء كما يفترض في نظام ديمقراطي، أم بالنسبة لملفات الفساد فأن الوضع أكثر تعقيداً وأكثر إثارةً للضجيج لأنه يتعلق بأرزاق البعض، حتّى دول الجوار تتدخل لحماية بيادقها رغم الاتهامات ولا يشك احد بان بلداً لا يمكن أن يُدار بهذه الطريقة.
ولعلنا يمكن أن نستنبط بوضوح وببساطة أن البعض لا يُريدون التخلص من الفوضى لأن إثارة الغبار تؤدي إلى عدم وضوح الرؤيا فإلى متى تستمر هذه الحالة؟، لقد آن الأوان لوضع النقاط على الحروف وان تتم مناقشة الأوضاع بهدوء وبروية ولا أظن إن المشاكل إذا تفاقمت وساءت الأحوال سيكون هناك رابح إلا أولئك الذين دخلوا في العملية السياسيّة لتخريبها، فعلى من يدعي الإخلاص وحب الوطن أن يُثبت مدعاه بسلوك سبل الحل وليس السبل الموصلة إلى سواه، آن الأوان للحظة الفرز والحسم.