توقيع القاعدة والمتطرفين واضح.. ولكن ايكفي الاستنتاج للاقتناع باننا نقوم بواجباتنا؟ لتتكرر العمليات. فنندد ونبدي اهتماماً بالضحايا ليوم ويومين.. ثم نترك ذويهم منسيين يلاحقون حقوقاً متواضعة.. امام ما فقدوه من اعزة واحباب، او ما فقدوه من اعضاء.
لا يمكن اخفاء مسؤولية الحكومة.. فالاجهزة الامنية فيها عناصر مخلصة وشجاعة ومضحية.. وعديدها هو الاضخم في تاريخ العراق.. وكذلك موازناتها.. ومنحت الوقت الكافي لبناء خططها ومنظوماتها.. لكن الارهاب يضرب بتراتب، كماً ونوعاً ومكاناً.. ليفنذ طروحات السيطرة والجهوزية. العاجزة عن حماية قلب العاصمة والمدن والمناطق الحساسة. فالخطط الامنية اقرب للفشل منها للنجاح، فهي قد وفرت الاحساس بالامن، لكنها لم توفر الامن الحقيقي. وان مسؤولية البرلمان والحكومة في المراجعة الجادة موضع امتحان. ان تساهلت معها بسبب المجاملات، فلن تتساهل معها ارواح الشهداء، والشاعر يقول.. اتعلم ام انت لا تعلم.. بان جراح الضحايا فم. اتعلم ان جراح الشهيد.. تظل عن الثأر تستفهم.
القوى السياسية مسؤولة ايضاً.. بسبب مشاحناتها وعدم حل الخلافات بطرق واطارات محددة.. لتحمي الثوابت الدينية والوطنية لا ان تنتهكها. اما تحويل اي خلاف مهما كان بسيطاً الى مستوى الحرب المعلنة.. واطلاق الاتهامات والاكاذيب لتنتهك الحرم والحصانات، وتمتهن الكرامات.. فهذا قتل لبعضنا قبل ان يقتلنا عدونا.
ويأتي الاعلام ليحرك الفتن النائمة والنفوس الامارة بالسوء.. بترويج الاكاذيب.. وتشجيع التصريحات النارية.. او اختراعها وتقطيعها ووضعها في افواه المتحدثين. فالبرنامج الناجح هو الذي يدفع المشاركين للتقاتل وكيل الاتهامات. اما الحوارات الصريحة الهادفة، فبرامج فاشلة للمشاهدين والمعلنين والراعين.
كذلك تتحمل الجماعات مذهبية كانت او قومية مسؤولية كبيرة.. فصعود الزعامات واكتساب الشعبية في وسط كل جماعة هو ليس الانجازات الوطنية.. وحماية ارواح وحقوق المواطنين.. وتوفير اجواء الوحدة، بل مهاجمة الاخرين.. ودق طبول الحرب والصراع.. فنوفر متبرعين ما تسعى اليه المنظمات التخريبية وانصار الفوضى.
اين مراجعنا وعلمائنا؟ اين رجالات العراق ونساءه ؟ اين القوى التي تصلح حال البلاد.. وتحل الخلافات والازمات.. لا تلك التي تصطنعها وتتعيش عليها؟ اين الحكومة والدولة.. واين الغيرة المهنية وروح المسؤولية التي تحاسب نفسها قبل ان يحاسبها الله والشعب والتاريخ؟