بسم الله الرحمن الرحيم
في السادس من حزيران ١٩٦٧ دخلت دبابات شارون القدس اولى القبلتين وثالث الحرمين.. يقول سبحانه.. "بسم الله الرحمن الرحيم.. سبحان الذي اسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام الى المسجد الاقصى الذي باركنا حوله لنريه من اياتنا انه هو السميع البصير".. والله عز وجل يقول "وقضينا الى بني اسرائيل في الكتاب لتفسدن في الارض مرتين ولتعلن علواً كبيرا. فاذا جاء وعد اولاهما بعثنا عليكم عباداً اولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار وكان وعداً مفعولا. ثم رددنا لكم الكرة عليهم وامددناكم باموال وبنين وجعلناكم اكثر نفيرا. ان احسنتم احسنتم لانفسكم وان اسأتم فلها.. فاذا جاء وعد الاخرة ليسوءوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه اول مرة وليتبروا ما علوا تتبيرا، عسى ربكم ان يرحمكم.. وان عدتم عدنا وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا" صدق الله العلي العظيم (الاسراء ١،٤-٨)..
فهل احتلال فلسطين وسقوط المدينة العتيقة هو الافساد "مرتين" والاستعلاء "علواً كبيرا"، كما في اللوح المحفوظ.. وهل نحن قريبون من "وعد الاخرة"؟ وهل نحن اليوم "اكثر نفيرا"؟.. ام تتجاذبنا الخلافات ونصرف امكاناتنا في غير اوجهها... فالله سبحانه امدنا "باموال" وامكانيات ليس النفط الا واحدة منها.. رغم ذلك فاداراتنا فاسدة.. وصناعاتنا متخلفة.. وتنظيماتنا بالية.... وزراعتنا متراجعة.. وارضنا بائرة.. ومياهنا حالتها متدهورة.. والانقسام والشقاق ينخر عظامنا.. وعلومنا ومدارسنا وجامعاتنا متأخرة.. وامننا مهدد.. وجيوشنا استعراضية.. وابناؤنا مرضى تمتلىء بهم مدن الصفيح القذرة الفقيرة، او يساقون لحروب طائشة، ومنظمات متعصبة، واعمال قتل لشعوبهم واخوانهم في الدين والوطن والجيرة.. فنحن لا نحسن لانفسنا.. ولا نغيرها، فلا يغير الله ما بنا.
كل ذلك، رغم التضحيات العظيمة في الاموال والانفس، ورغم صمود اهلنا في فلسطين ومعاناتهم. فاطروحة "اطلبوا الموت تكسبوا الحياة" لا تصح دون متطلباتها.. فالنجاح في الحياة التي نموت من اجلها له شروطه، حيث البذل والعمل الهادف الواعي وتوفير مقومات القوة والقدرة والانتصار.. التي يبدو اننا لم نوفرها، بل احياناً نسير ضدها. فتحرير الارض بدايته تحرير النفوس.. التي لا ترضى الا بالعزة والعدالة والحرية لها ولغيرها.. فلا يمكننا ان نطلب العدل في مكان وندافع عن الظلم في اخر.. ولا يمكن ان نرى جرائم اسرائيل، ولا نرى جرائم صدام، وفي سوريا والبحرين، وفي كل زمان ومكان.