خيار سحب الثقة عن السيد نوري المالكي لا يمثل الخيار الأصلح والأحسن والأكثر واقعية في هذه المرحلة، وإذا كان هناك من يقول بذلك حباً بالمالكي أو حرصاً على مصالحه المرتبطة بوجود المالكي على كرسي رئاسة الوزراء، فإن آخرين يقولون بذلك انطلاقاً من قراءة دقيقة وموضوعية تتجاوز تحقيق هدف الإطاحة بالمالكي وحكومته إلى ما بعد تحقيق ذلك الهدف.
فرقٌ كبير بين من يجعل سحب الثقة عن المالكي وإسقاطه هدفاً بحد ذاته، وبين من ينظر إليها ويتعامل معها على أنّها خطوة يمكن ان تكون مفيدة وتوصل إلى نتائج ايجابية والى نتائج سلبية في هذه المرحلة، المشكلة التي يعانيها العراق في ظل تجربته الديمقراطية الجديدة ان كلّ طرف يجعل خصمه هدفاً له، وينسى ان الهدف الحقيقي يجب ان يكون بناء البلد ورفاهية أبنائه والعمل على تقدمه وتطويره في كل الجوانب والمجالات، وما ينطبق على من يريدون سحب الثقة لمجرد إسقاط المالكي ينطبق على من يريدون الحفاظ على المالكي في منصبه بأي ثمن ويطرحوا خيارات بديلة عن سحب الثقة، مثل تشكيل حكومة أغلبية او حل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة، إذ أنّ مثل تلك الخيارات تستبطن هدف ضرب الخصوم وإضعافهم وخلط الأوراق أكثر مما هي مختلطة ومبعثرة، وإلاّ كيف يمكن لحريص على العمليّة السياسيّة أنّ يفكر أو يتجه إلى تشكيل حكومة أغلبية تستوعب البعض وتقصي وتبعد البعض الآخر في بلد لا يمكن أنّ يُدار إلاّ بمشاركة جميع مكوناته بحكم تركيبته الاجتماعيّة وواقعه السياسي وطبيعة الظروف السياسية التي يعيشها.
والذي لا يمكن نكرانه وتجاهله هو أنّ السبب الحقيقي للازمات السياسيّة المتلاحقة في البلاد هو عدم تطبيق مبدأ الشراكة الوطنية بصورة حقيقية، وانتهاج سياسة الإقصاء والتهميش والتآمر والتسقيط السياسي الذي دفع المواطن العراقي ومازال يدفع أثمانه وتبعاته الباهظة في كل يوم بأشكال وصور مختلفة بعضها امني وبعضها حياتي وبعضها اقتصادي.. وهكذا..
وإذا كان سحب الثقة عن الحكومة في هذه المرحلة شيء غير صحيح وخاطئ فأن الذهاب إلى تشكيل حكومة أغلبية سياسية أو حل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة يمثل خطأ اكبر وأفدح.