لم يكن رحيله يسيراً على عراقِ مأزوم بالجراح والعلل وكيان اضحى على حين غرة مفطوماً يتلمس طريقه نحو قائد بمقاسات القائد الراحل ...رحل القائد وحل الفراغ والترقب...واي فراغٍ سيملئه هذا القائد؟ وهل تلد الامة كل يوم قائداً كمحمد باقر الحكيم كي تملأ به فجوة الرحيل ؟
في وسط هذه العتمة القاتمة يتلمس التيار طريقه رويداً رويداً نحو قائدٍ اخر كان مهموماً في بناء العراق الجديد ليودعه حمل الراية وعهد المسيرة والنهج..... الراحل عبد العزيز الحكيم
ولم تكد الدماء تروي عروق التيار من جديد وتصلب عوده المنكوب حتى ترجل فارسه بإرادة الله تاركا التيار في منعطف اخر ...
بناء العراق الجديد كان جلياً في رسالة الرمز الاول قبيل تحركه نحو العراق في ٢٠٠٣...... رباعيته لازالت اركانها تدوي في عراق اليوم : الامن, بقايا البعث, جلاء القوات المحتلة واخيرا بناء دولة المؤسسات «ليتركوا العراق للعراقيين وسيجدون ان العراقيين يستطيعون ان يحققوا الأمن وأن يحموا العراق....... نريد ان يحكم الشعب نفسه بنفسه، نريد حكومة ديمقراطية، نريد حكم الشعب للشعب...... انتم لا تقبلون ان يعيش بقية ازلام النظام بين العراقيين، نحن نرفض الوجود البعثي بين أبناء الأمة ».وخيمته التي سكن اليها عراقيو المنفى واطياف المعارضة في ايام المحنة شاخصة في مآقي من عاصر المرحلة.....
واذا اصطف الرمز الثاني عبد العزيز الحكيم خلف اخيه الشهيد في فضائه الديني فانه تعاضد معه في زخمه السياسي وجهاده ونهل من تجربته الثرية.... ترأس اول حكومة انتقالية في عراق ما بعد صدام, اسس الائتلاف العراقي الموحد الذي شكل ركناً اساسيا من اركان العملية السياسية, سعى في اقرار النظام الفدرالي, وكأخيه الشهيد اسس خيمته الحوارية التي تسكن اليها الاطياف والمكونات العراقية تنفيساً للاحتقانات.....روح المرجعية السمحة في حلة السياسي الملتزم.....
رحل الرمز الاول
لحقه الرمز الثاني
هاج العراق بفراغ جمعه الله معه بلا وعد او ميثاق واستوحشت من جديد الخيمة الحكيمية روادها وفقد جسد السياسة العراقية عموده الفقري...
..........وهناك, في عمق العراق الجريح وبين جموع الخلق كان عمار الحكيم يرقب مشهد ترجل الفرسان وحيرة المريدين والاتباع.....
لم يكن عمار الحكيم طيلة فترة الرمزين غائبا عن واقع العراق والمجلس, وفي الوقت الذي كان المجلس فيه مهموما في بناء "العراق السياسي" نشط عمار الحكيم في بناء "العراق الاجتماعي" حيث ترك صدام مجتمعاً ممزقاً بجراحات الفاقة والمرض والجهل... نشط في بناء المدارس والمستشفيات وملاجئ الايتام, تواصل مع العشائر والنخب, عايش محنة المنكوبين من ابناء الجنوب و لامس الام ابناء الشمال وغرب العراق.....
التواصل راية تدور بين الحكيميين من جيلِ لآخر, هكذا كان الشهيد مهدي الحكيم, وبذات الدرب سار الشهيد محمد باقر الحكيم وعلى خطاه سار الراحل عبد العزيز الحكيم, فكيف يمكن ان ينجو عمار من "سنة" التواصل الحكيمية ؟
عمار "المجلسي" ترأس تياره السياسي مولودا من رحم العراق وبؤسه وواصل في قيادته عمق العراق بسطحه....رص البناء بطاقات الشباب والمثقفين, حدث الخطاب بدقة القول وحسن التصويب وكشف المستور من مثالب السياسيين...عندهم الفساد ولديه الحكمة والمشورة, ونحوهم تتجه الشكوك بالتقاعس والوهن وبه تستقر البدائل والآمال.....
ولعل من اهم سمات عمار "القائد" مجساته الاجتماعية النشطة والراصدة لهواجس الشعب وآلامه وقدرته على عكس مطالب وطموحات الناس على الواقع السياسي....
استعار عمار الحكيم من اللغة العربية "همزة الوصل" ليسقطها على العراق وساسته : السياسي برأيه "همزة الوصل" بين الشعب وحكومته, فاذا ضاع الوصل, ضاع السياسي وتاه العراق بأهله......
عمار التي لا تنحرف بوصلته عن عمق العراق ولا تفارق يديه نبض الشارع, لا يرحم بلسانه وقلبه بعد السياسيين عن الدستور والثوابت الاسلامية والوطنية....
تحول ملتقاه الثقافي الاسبوعي الى حجيج للمثقفين والمأسورين بحاضر العراق ومستقبله, وطاردت تصويباته سياسي العراق الموغلين بصراع الكراسي والمكتسبات.... وفي كل منعطف تسكن الى خيمته من لا سكينة له من الطوائف والمكونات.....
العراق بعيون الحكيم موزون بوشائجه مع ايران وتركيا وراسخ القدر بأخوته مع الشعوب العربية.....
المجلس الاعلى الاسلامي هذا اليوم حديث بقياداته وخطابه, عميق بتواصله مع العراق واهله, واعد بطاقاته المتجددة والخلاقة قارئ لهموم الناس وساعِ لتحقيق اراداتهم......