ويبدو إن المعادلة في عناصرها الرئيسية لم تتغير منذ أمد غير قصير فثمة من يريد العبث بالمصائر, معدا لكل أمر ذريعة فمرة ينادي بمظلومية فئة وأخرى يصرح متباكيا على الخدمات وثالثة يصرخ من استشراء الفساد لكن ما أن يقترب أحدا من قاتل أو مفسد حتى تنطلق الألسن دفاعا عنه ولوما لمن يحاول إيقافه عند حده.
فإلى متى وحتى متى يبقى العراق رهين إرادة المزيفين الذين تتدفق إلى جيوبهم أموال النفط الخليجي لينفذوا إرادة الآخرين,لا احد يدعي إن الوضع مثالي وان كل شي جيد وحسن لكن هؤلاء مثل الدكتور الذي يشخص ان المريض مصاب بالزكام ويقرر إن علاجه يتم عن طريق إجراء استئصال الأنف لا لشيء إلا لان انف المريض لا يعجبه ولا يهم بعد ذلك ما ذا يحصل .
هؤلاء يشخصون الخلل في العملية السياسية بتنفيذ اتفاقات اربيل ولهذا يقررون قلب العملية السياسية رأسا على عقب وإدخال البلاد في متاهة لا يعرف لها بداية أو نهاية, فكلنا يعلم كيف عاشت البلاد أزمة خانقة عند تشكيل الحكومة حين أصر البعض على رفض تولية الجعفري وما أسفر عن ذلك من سجالات بين القوى السياسية حتى القبول بالمالكي وما تلى ذلك من اختناقات واختلاف في كل شيء وحول كل شيء وهكذا .
ولسنا ندري لما ذا لا يصار إلى الاحتكام إلى المرجعية التي قبلها الجميع ووقع عليها إطراف العملية السياسية وهي الدستور فمهما تكن عيوب الدستور فانه بحكم الأمر الواقع مقبول ولو إجمالا من الجميع و تم الاتفاق عليه بين الفرقاء السياسيين العراقيين. واتخذ كمرجعيه في كثير من مفردات الحياة السياسية والاجتماعية في البلد, فلماذا ؟يرفض في بعض المواضع ولا يصلح كمرجعية لحلها.
يتمسك البعض بالاتفاقات ليجعلها مرجعية بديلة لكن هذا لا يصح فلا بد من أن تكون كافة الاتفاقات محكومة بالدستور ولابد تكون في إطاره ولا تتقاطع مع أي مادة من مواده ويترتب على ذلك فإنها ملزمة لمن وقع عليها وواجبة التنفيذ وليس من حق احد إن يتردد في التنفيذ.
فإذا تنصل البعض من التنفيذ فان الحوار بإشراك كافة الكتل هو الذي سيلزم المتنصل بالوفاء بالتزاماته وليس إدخال البلد الذي أنهكته الأزمات في أزمة جديد تكاد تعصف بالعملية السياسية برمتها خصوصا انه من الواضح حتى لو نجت مساعي سحب الثقة فان الكثير من الأزمات سيتم افتعالها بنفس الطريقة سواء من هذا الطرف آو من ذاك وهذا طريق بلا نهاية فهل هذا ما يريده البعض ؟إذن هم يقامرون بكل شيء ليس فقط بما خسروه من اتفاقات اربيل بل بما قبله وما بعده.