وفي النظم الدكتاتورية تتحول الماكنة الإعلاميّة الممولة من خزينة الدولة بكل صورها التي سبقت الإشارة إليها إلى أداة مسخرة لتمجيد الحاكم وزمرته وأجهزته وتهويل منجزاته الوهمية وبطولاته الدونكيشوتية، وتحويل مثالبه وسلبياته الى محاسن لا توصف وظلمه واستبداده إلى حرص وتفانٍ في سبيل الوطن. ولا يسمح لأية وسيلة إعلاميّة بالخروج عن هذه السياقات حتّى إذا كانت مستقلة وممولة ذاتياً فأن جازفت كان مصيرها الإغلاق والمصادرة ومصير أصحابها الموت أو السجون. اما في النظم الديمقراطية التي كرمنا الله بالانضمام إليها أو التشبه بها ومحاولة تقليدها ومحاولة الوصول إلى مستوياتها فتكون وسائل الإعلام حرة ومستقلة تتبناها جهات مختلفة مع الاحتفاظ بهيئة تمثل الإعلام الرسمي للبلاد توكل إليها مهمة رصد وتغطية الأنشطة والفعاليات الرسمية لتكون مرجعية موثوقة لوكالات الأنباء والأجهزة الإعلامية المحلية والعالمية العاملة داخل وخارج البلاد، على أن تمتاز بالحيادية والموضوعية والمصداقية وان تقف على مسافة واحدة بالتعامل مع الحركات والأحزاب الوطنية العاملة في البلد والمشاركة في إدارة العملية السياسية خاصة.
ترى هل كانت شبكة الإعلام العراقي بمستوى الطموح الديمقراطي؟!. هل تحلت بالحيادية في التعامل مع أطراف العملية السياسية؟، الوقائع تقول غير ذلك فقد تحولت الشبكة إلى أداة بيد الحكومة وتغطية أنشطتها معرضة عما تقوم به باقي الأطراف من أنشطة وفعاليات سياسية وثقافية واجتماعية تصب في خدمة العراق وشعبه وتجربته الديمقراطية، في حين أنها تمول من ميزانية الدولة التي يشارك الجميع فيها بتقديم التضحيات في سبيل تحريرها من التسلط ألصدامي الدكتاتوري.