تتواصل عملية التراشق وعدم الجدية بين الاطراف السياسية مما يعني استمرار الازمة التي مل العراقيون من الحديث عنها وعن اسبابها ولما يتمسك كل ظرف بأراءه وقناعاته على حساب دماء وتضحيات الشعب العراقي واستقرار البلاد, ففي الوقت الذي يطلب فيه رئيس الوزراء نوري المالكي الوساطة واللجوء للحوار ويوفد اعضاء كتلته وكبار قيادات حزبه الى غير شخصية من الشخصيات ذات التأثير والمقبولية, يرفض ان ينزل قليلا عند رغبة الوساطات بأن تكون التعهدات واضحة ومعلنة امام الشعب العراقي, وهذا ما نقل عن موقفه من وساطة السيد الحكيم الذي قبل بهذه الوساطة مشترطا ان تكون كل الاوراق مكشوفة عبر تعهدات معلنة يطلقها المالكي في مؤتمر صحفي مشترك لحل الازمة, ومنها الالتزام بالتعهدات والتوافقات السابقة, لكن المالكي لم يحرك ساكنا مؤثرا تمسكه برأيه وعدم التقدم خطوات اضافية للامام وهذا ايضا حال الفرقاء الاخرين, فموقف بارزاني مشابه لكن التسريبات الاخيرة تكشف عن توجه قوي للاصلاحات واقرار قوانين مهمة خصوصا تلك المتعلقة باقرار رئاسات وهياكل الهيئات والجهات المسؤولة عن ادارة الانتخابات والمحاكم ومنها المحكمة الاتحادية, وكذلك اعادة تسمية الوزراء الامنيين وتعيين قادة الفرق وشاغلي المناصب الامنية التي يرى المالكي انها ان تمت فأن زمام المبادرة ستتحول بيد الاخرين مما يعني اضعافه وهنا محور المشكلة, فرئيس الحكومة لايريد ان تخرج هذه الحقائب والمناصب ومن يشغلها حاليا من ولايته لانه يعتبرها اهم اسلحته في خوض معركته المستعرة مع منافسيه.
ان سياسة جمع النقاط لكل طرف على حساب الاخر ستجعل الازمة السياسية متواصلة، لكن المهم ان الكل سيقتنع بعد كل هذا التصعيد انه بحاجة الى شركائه و ستصل الكتل المتصارعة قريبا الى لحظة الحقيقة, مفادها ضرورة العودة الى الحوار لحل الاشكاليات رغم ان الامور لاتدار بهذه السهولة، فالعراق الذي ينظر اليه السياسي من خرم الباب بلد للجميع وما يجب ان يفهم بشكل عملي انه لا يمكن ان يدار من قبل جهة معينة، لذا لابد من التوجه الجاد والصادق للاصلاح وهذا الاصلاح يتطلب موقفا مسؤولا من الجميع.
وهنا فأن على الحكومة المركزية وحكومة اقليم كردستان والحكومات المحلية في المحافظات دراسة مهامها وواجباتها الدستورية، وعدم تكرار الاخطاء ذاتها مجددا لان الاخطاء موجودة عند الجميع ولابد ان ينظر كل طرف من الاطراف الى حدوده وحقوقه، وليس غريبا ان نجد شخصية محورية كالسيد عمار الحكيم, وبجهود كبيرة ومتواصلة وعبرلقاءاته واتصالاته التي يجريها مع القيادات السياسية العراقية تتركز في العثور على مساحة الالتقاء بين الفرقاء وتوسيع هذه المساحات والحث على الالتزام بالدستور والتوافقات المنسجمة معه وبتنازل الكتل السياسية بعضها للبعض الاخر، فتقدم كل طرف خطوة الى الامام بالواجب المكلف به والطرف الاخر بالحق الملقى عليه سيكون هو القاعدة القادرة على حل الازمة السياسية, ولا امر اخر قادر على الحل سوى اتباع هذه الاستراتيجية العقلائية النابعة من ضمير وقلب قيادة مسؤولة تجد في نفسها خادمة للشعب العراقي وتطلعاته ..