هذا ما يقوله ويؤكد عليه ويكرره باستمرار الساسة والمثقفين ومختلف النخب وعموم المواطنين، وان اختلفت صيغ التعبير عنه إلا ان الجوهر والمضمون واحد.
ولعل رصد سريع واستطلاع ميداني عابر لأحداث ووقائع يوم من الأيام لا على التعيين، من خلال وسائل الإعلام والمنابر السياسية وحركة الشارع يوصلنا إلى نتيجة مفادها أن الجزء الأكبر مما يقال وينشر ويبث يتمحور حول الإرهاب والفساد وغياب الخدمات.
في كلّ يوم تقريباً تقع عمليات إرهابية تودي بحياة عشرات المواطنين الأبرياء من مختلف الأعمار والانتماءات وفي محافظات ومناطق مختلفة.
وفي كل يوم تتجلى مظاهر وظاهر الفساد وتبرز أرقام وحقائق ومعطيات جديدة، ويتخذ الفساد الإداري والمالي صوراً وإشكالاً مختلفة، والكثير منها تحظى بغطاء رسمي عبر أشخاص ومؤسسات حكومية، وأرقام الفساد المالي تكون في بعض الأحيان فلكية ومرعبة، ويقابلها-وهذا أمر طبيعي ومتوقع- تدني أو غياب للخدمات الأساسيّة كالكهرباء والماء الصالح للشرب وشبكات الطرق والنظافة وما الى ذلك، ناهيك عن الأعداد الهائلة للعاطلين عن العمل والمحرومين من ذوي الاحتياجات الخاصة، ومرضى الأمراض المزمنة والخطيرة.
هذا الثالوث – الإرهاب والفساد وغياب الخدمات-كل عنصر فيه يكمل الآخر ويساعد في تعزيزه وتقويته، لاسيما في ظل غياب الحلول والمعالجات الحقيقية والجذرية والجادة. فالإرهاب لا يأتي من فراغ، وأفضل بيئة مناسبة له هي الفساد الإداري والمالي، وهذا الأخير يعني ضياع الأموال، وتبديد الجهود والطاقات، وتهميش الكفاءات والخبرات، وإبعاد وإقصاء المخلصين والنزيهين والصادقين، وفسح المجال للانتهازيين والوصوليين والسراق واللصوص وعديمي الخبرة والكفاءة.
وفي ظل معادلة من هذا القبيل لا يمكن أنّ نتوقع وننتظر إصلاحاً حقيقياً للواقع السيء أمنياً واقتصادياً وخدمياً، وعلى كلّ الأصعدة والمستويات.
وهذا الثالوث الخطير إلى أبعد الحدود يعني مزيداً من الخراب والدمار واليأس والإحباط والضياع، بدلاً من البناء والاعمار والأمل والتفاؤل والاستبشار.
وهذا الثالوث الخطير للازمة العامة في البلاد-شئنا أم أبينا-محوره الأزمة السياسيّة التي مفتاح حلها بأيدي كبار ساسة البلاد ومن بأيديهم زمام الأمور والحل والعقد.
ومفتاح الحل للازمة السياسية يتمثل ببناء شراكة وطنية حقيقية تتجاوز صيغة المشاركة بطريقة تحاصصية للمواقع والمناصب والامتيازات، لتكون شراكة في المسؤوليات والمهام والأدوار، والشراكة الوطنية الحقيقية هي الأساس لاستتباب الأمن، وهذا بدوره المدخل الرئيسي للبناء والاعمار وتوفير الخدمات والقضاء على الفساد بكل أشكاله ومظاهره، وبالتالي تصحيح وتعديل المسارات الخاطئة في العملية السياسية والوضع العام للبلاد بمختلف جوانبه.