ذلك أن البرلمانيون في العراق حالة استثنائية لا يوجد لها مثيل في العالم, إذ أن المخصصات الضخمة التي يحصل عليها النائب العراقي لا تشبه أية مخصصات يحصل عليها نائب أخر في أي بقعة في الكرة الأرضية, لان أعضاء البرلمان لا يرون في قبة البرلمان إلا مظلة ووسيلة لتشريع القوانين التي تحقق منافعهم الشخصية لذا كانت باكورة أعمالهم تشريع القوانين, فهم يحصلون على رواتب وامتيازات لا يحصل عليها أي عضو في العالم لذا نرى في كل دورة انتخابية تتحول العضوية إلى مضمار سباق لآلاف الراغبين بالحصول على صندوق الأماني أو مصباح علاء الدين وعندما لا يحالف البعض الحض في الحصول على العضوية عندها يسعون لان يكونوا من المقربين من الأعضاء أو على الأقل من عناصر الحماية لعل ذلك يدر عليهم شيء من هبات قبة البرلمان ٠
أن بعض التقديرات المفزعة تشير إلى أن الميزانية الضخمة المخصصة لأعضاء تبلغ ثلث ميزانية العراق يأخذونها كرواتب وامتيازات ومكاسب خاصة لهم, وان آخر صيحاتهم التي فاجأت المواطن كانت قرار مجلس النواب بتوجيه دعوة إلى شركات عالمية لبناء مساكن لأعضائه تتضمن المباني ثلاث كتل رئيسية منفصلة اثنتان منها سكنية والأخرى ترفيهية وبناية سكنية بارتفاع ١١ طابقا مع مراب واحدة للسيارات عامة واسندوا هذا القرار إلى المادة الرابعة/ ثانيا من تعليمات العقود الحكومية رقم (١٩) لسنة ٢٠٠٨, وتم تخصيص تلك المباني إضافة إلى ما ذكر كمخصصات لضمان رفاهية النائب وإذا ما قورن ما خصص للنائب من أبنية بشبيهها المخصص لعوائل الشهداء والسجناء الذين بفضلهم وصل النائب للذي هو عليه ألان نجد الفرق الهائل والغبن الشنيع٠
وفي المقابل نرى المواطن العراقي الذي قام بانتخاب ذلك النائب والذي عده حبل النجاة والمختار لتحقيق كافة حقوقه المغبونة وتخليصه من آفة الظلم وتوفير الخدمات التي نرى أن أغلبية الشعب يعاني منها ويتطلع إلى اليوم الذي يتوفر له الماء والكهرباء وفرص العمل التي تضمن كرامته.
لكن بعض السادة النواب يسدون أذانهم وأعينهم عن تلك الحقائق لان الانشغال بمشاكل الشعب وهموم المواطن تشغلهم عن التفكير بمصالحهم الخاصة وتشغلهم عن تشريع القوانين التي تملئ جيوبهم بما خف وزنه من العملات الأجنبية أو المحلية, والإنصاف يفرض علينا القول أنهم شرعوا بعض القوانين التي لا أهمية لها ولم يتركوا إلا القوانين التي تصب في مصلحة المواطن وبحسب المعروف أن مئة أو أكثر من القوانين مركونة على الرف بانتظار أن يقوم احد النواب لسبب أو أخر بنفض الغبار عنها وتقديمها للمناقشة لكن نستطيع أن نجزم أن شيئا من هذا لا يحصل .
وأخيرا لا نزال نأمل أن يلتفت نائبنا الموقر وينظر بعين العطف للشعب وان يتنازل ليس عن مخصصاته وامتيازاته بل عن الهيام في حبها فقط لأننا مأمورون بعدم اليأس لان اليأس من الكفر.