الامام علي (ع) كلمة الانسانية العليا !! الامام علي (ع) كلمة الزمن الخالدة .. وأنشودة الدهر الدائمة.. وبيان المنطق الصواب .. وبلاغة الخطباء والمتكلمين .. وفصاحة العلماء والنحويين .. وحكمة الفقهاء والمؤمنين .. الامام علي (ع) عبق الروح الزاكي .. ورحيقها المختوم .. وأنيس النفوس ومؤنسها .. وحكيم العقول وحكمتها البالغة .. وطبيب البشرية وسعادتها الزاهرة .. الامام علي (ع) رمز الانسانسة الأبدي .. وقدوتها السرمدي .. وسيدها المطلق .. وكلمتها العليا .. الذي أسس نظامها البديع ووضع بنوده وشكل هرمه الدستوري الرائد وفق أسس ومعايير دقيقة يتلاءم وفطرة البشر التي فطر الله الناس عليها . لقد كان علي (ع) كلمة الانسانية العليا عندما أسس نظام الانسانية القائم على أساس الحق والعدل والمساواة والاحسان واللطف والمحبة والشفقة والرحمة والتعاون والتسامح عندما كان يخاطب مالك الاشتر بوثيقة العهد الذي كتبها له يقول فيها (وانظر في الناس فانهم صنفان أما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق _ يملك نفس المشاعر والأحاسيس التي تمتلكها _ فاعفوا عنهم عند خطأهم وزللهم كما تحب ان يعفو عنك الله عند خطأك وزللك ). هكذا مبدأ العفو والتسامح عند أمير المؤمنين (ع) لأنه لا يقترب من الغضب ولا يعرف الحقد والبغض وأزالهما من نظام حياته ومنهج عمله العام والخاص وجعل مكانهما بنود العفو العام والمحبة النقية الخالصة النابعة من القلب والرضا عن كل البشرية , كبيرهم وصغيرهم , محسنهم ومسيئهم .. كان يدعو لهم بالهداية والاصلاح كما كان رسول الله (ص) يدعو لقومه (اللهم اهدي قومي فأنهم لا يعلمون )وعندما يؤذوه كثيرا يدعو الله بقوله ( اللهم ان قومي مساكين فاعفوا عنهم )- هكذا كان أمير المؤمنين (ع) يدعو للمحسن ليزيده الله احسانا ويدعو للمسيء بالعفو والرحمة والايمان ليلتحق بركبه وهو الداعي بقوله (اللهم اني أحب ان تهتدي بي فرقة تعشوا الى ضوئي أحب الي من أن أقاتلها وان كانت تبوء بآثامها ) . كان علي (ع) يحب الهداية لكل الناس ويكره قتالهم وان كانوا مذنبين يستحقون القتل . . لقد كان خلقه القرآني السامي وسلوكه الانساني يمنعه قتل الكافر وانما يقتل الكفر بداخله ويقتل الشك في عقله ليطهّره .. ويذهب رجسه !! ليكون طاهرا مطهّرا صالحا نافعا للبشرية كلها . لقد كانت انسانبة علي (عليه السلام) تمنعه من التعالي على البشر او التكبر عليهم او النظر اليهم بنظر التهميش والاهمال بل كان ينظر اليهم بعين الاكبار والاجلال والتقدير _ وهذا ما وصفه به أحد أصحابه قائلا (كان يحب المساكين ويعظم أهل الدين) وعندما كان يقول (عليه السلام)( الضعيف عندي قوي حتى آخذ له الحق والقوي عندي ضعيف حتى آخذ الحق منه ) . لقد كان الامام علي (ع) روح الانسانية وسعادتها وسر بهجتها, عندما كان يقدم ما لذ وطاب من الاطعمة الشهية لضيوفه ويكتفي هو بقرص الشعير وجريش الملح , ويقدم افخر الملابس للفقراء والمساكين والمحتاجين ويعطيهم كل ما يملك ويكتفي بقميص وأزار بتواضع وخشوع . كان يؤثر على نفسه ولو كانت به خصاصة !! . لقد كان يبيت باكيا من خشية الله مستحيا من الله يطلب منه العفو والمغفرة والرحمة وهو بأعلى مراتب اليقين والايمان وهو المعصوم المطهر من الرجس والاوهام والخواطر فضلا عن الذنوب والآثام لأنه يشعر مهما عبد وأطاع الله انه مقصر بحق الله الذي أنعم عليه بنعم الولاية والخلافة والطاعة والعبودية والشكر . لقد كان الامام علي (ع) هرم الانسانية الاعظم عندما كان يتعامل مع اليتامى وكأنهم أبناءه وأحبّاءه , كان يطعم اليتامى اللب والعسل والطعام الطيب ويؤانسهم ويلاطفهم ويقبّلهم , ويلطّف لهم الجو ليرحمهم ويزيل عنائهم ويحتوي مصائبهم ويرفع عنهم المحن والاحن والمصائب . لقد بنى لليتامى دور الحنان ومتّعهم بطيّب الطعام وكساهم فاخر الالبسة , وعلمهم أحسن العلوم الانسانية والآداب العالية والأخلاق الكريمة , حتى سادوا في المجتمع الاسلامي والانساني وأصبحوا علماء ومفكرين وأساتذة حتى قال وزيره قنبر ( ياليتني كنت يتيما ليرعاني أمير المؤمنين في الصغر ) . لقد راعى أمير المؤمنين (ع) اليتامى وبالغ في رعايتهم واحتظانهم وحرص على تعليمهم وتربيتهم وانشائهم نشأة اسلامية وانسانية يستفيد منهم العالم الاسلامي والعالم الانساني كله . لقد خدم أمير المؤمنين علي (ع) الانسانية برمتها بعد أن وضع دستورها الدائم وبين تفاصيله وجعله سنّة من سنن الله التي ينبغي ان يسير عليها الرؤساء والقادة والمسئولين والعلماء الكبار والمثقفين , وأن يكون مبدأ الانسانية هو السائد في الحياة كلها لا فرق بين مسلم وغير مسلم !! كما نراه واضحا في خطابه وكلامه وسلوكه ودعائه عندما يدعو الله في شهر رمضان المبارك وفي كل شهر ويوم وساعة ( اللهم أدخل على أهل القبور السرور اللهم أشبع كل جائع الله أكسو كل عريان اللهم أشف كل مريض – لم نراه يدعو للمسلم دون المسلم بل كان يدعو لكل الناس وعلى اختلاف أديانهم وعقائدهم وأعرافهم ومذاهبهم ( بالغنى واللطف والرحمة والصحة والشفاء وقضاء الحوائج ) ثم يدعو ( اللهم اصلح كل فاسد من أمور المسلمين ) وبكل أسف كل أمور المسلمين في هذا اليوم فاسدة سواء في معاملاتهم التجارية وانظر الغلاء في الدول العربية والاسلامية في شهر رمضان الخير والبركة والرحمة والمغفرة , كم يستغل التجار الفقراء ويحتكروا ويأكلوا السحت والربا !! أما الفساد الاداري فحدّث ولا حرج على مستوى مسئولي الدولة واستغلالهم اموال الشعب وثرواته واستثمارها لصالحهم وتهميش المواطن واهماله من كافة الخدمات والأمن والاقتصاد والسكن . وبقيت القلة القليلة الطيبة من المخلصين التي تدافع عن حقوق الانسان المهدورة بأشياء بسيطة لن ترتقي الى مستوى الانسانية المطلوب . ويبقى أمير المؤمنين علي (ع) سيد الانسانية العليا ومؤسس نظامها والعامل به على مستوى النظرية والتطبيق !! . علينا ان نرتقي الى مستوى امامنا وسيدنا وقائدنا في الانسانية وخدمة البشرية والتواصل معهم ومواساتهم وتقديم المزيد لهم مما يحتاجونه من خدمات وأمن واستقرار وتقدم وازدهار , والدعاء لهم بالخير والعافية وهذا أضعف الايمان . والحمدلله رب العالمين , والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله الطاهرين .