مثلت عقود النفط والغاز التي ابرمها اقليم كردستان مع عدد من الشركات الاجنبية مشكلة كبيرة مع بغداد وتسببت بحرب اعلامية وتبادل للتهم وتهديد بالعزل والتغريم والاستقلال والانفصال حتى وصلت اصوات اعلان الحرب وقرع طبول الاستعداد والتهيء للمعركة الى مسامع كل العراقيين من اقصى شماله الى اقصى جنوبه بعد ان تجاوزت التصريحات النارية والقطيعة اعلى المستويات ولم يعد المالكي ومن خلفه شاعل حرائق حقول النفط الشمالية السيد الشهرستاني وعدد من نواب دولة القانون من جهة ورئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني ومن خلفه عدد من نواب الاقليم من جهة اخرى،في حرج من كيل التهم والتهديد بالاستجواب وفي النهاية سحب الثقة وحتى اعلان ساعة الصفر.
وقد تسبب هذا الشد الاعلامي وتبادل الاتهامات بين التحالف الكردستاني من جانب والحكومة المركزية ودولة القانون من جانب اخر الى زيادة في حدة الاحتقان بين بغداد واربيل وعلى جميع المستويات وخاصة المستويات الشعبية،وهذا ما اعتبرته اربيل حرب مقصودة يراد منها تسقيط الاكراد امام ابناء الشعب العراقي وقد نجحت بغداد الى حد ما في هذا الامر عندما صورت للراي العام ان القرار في اربيل لا يحترم سيادة ومركزية بغداد ولا يلتزم بقراراتها وانها اي اربيل تسعى للانفصال وتبحث عن الحجج والمبررات والذرائع للمضيء في مسعاها،على الطرف الاخر نجح الكرد في تعزيز جبهتم الداخلية بزيادة عزلت بغداد مع جملة من الاجراءات الادارية الغير موفقة ضد القادمين الى الاقليم من العرب العراقيين،وفي كل الاحوال فان كل ما سعى له طرف يمثل انتكاسة كبيرة في عملية دمج المجتمع من جديد والتعايش بسلام بعد ان عاش الشعب العراقي جملة من الحروب والتقاطعات التي لازال يدفع ثمنها حتى هذا الوقت.
على الطرف الاخر وفي جانب صناعة القرار السياسي والاقتصادي العراقي يمثل قرار رفض عقود النفط التي ابرمها اقليم كردستان ثم الموافقة على هذه العقود منتهى التخبط والفشل في قرار حكومة المركز وفي سياسة بغداد اذا كانت لديها سياسة واستراتيجية معينة للتعامل مع الحوادث المسقبلية والمصيرية،فبغداد رفضت العقود لفترة طويلة ثم عادت والغت الرفض ....هل ما تقوم به بغداد يدخل في باب لي الاذرع وفي عقد الصفقات ،واذا كان هذا هو الباب لماذا لم تحقق ما ارادت دون ان ينتظر العراقيين كل هذه الاشهر،ومعروف للقاصي والداني ما لهذا التناحر من تعطيل للقوانين والتشريعات،اما اذا كانت اربيل على باطل فلماذا توافق بغداد اليوم هل انتفت عوامل البطلان وبات على بغداد تحمل تبعات قرارها ودفع مستحقات اربيل المالية .
ان قرار بغداد بالموافقة على عقود النفط التي ابرمها اقليم كردستان ودفع المستحقات المالية للشركات العاملة يجب الوقوف عنده من قبل ممثلي الشعب العراقي الشرفاء وتوضيح اسباب الرفض واسباب القبول لان مرور هذا الحوادث الكبيرة التي لها علاقة بحاضر ومستقبل الشعب العراقي وصنع مستقبله الاقتصادي والسلمي يجب ان لا تكون خاضعة لمزاجيات واهواء هذا الطرف وذاك بل لا بد من فضح مثل هذه الاساليب حتى لا تتكرر ويكون المدخل الشخصي والحزبي هو المحرك لبناء الدولة وصنع مستقبلها.