وقبل الخوض في دواعي عقد الصفقة واهميتها نجد من الضروري المرور ولو بشيء من الاختصار بملابسات ما حدث من تجاوز لكثير من بروتكولات الزيارة والضيافة والسيادة التي لم يقوم بها الجانب الروسي "وبلعها" المالكي بطريقة غريبة لا تتناسب مع موقعه كمسؤول لاعلى سلطة تنفيذية لدولة مستقلة ومعترف بها دوليا منذ بدأ التاريخ بدءا بتمثيل الاستقبال مرورا بطي سجادة الشرف مرورا بعدم عزف السلام الجمهوري انتهاءا بطريقة استقبال المالكي من قبل رئيس الحكومة بوتين في مزرعته وليس في مقر اقامة المالكي او في الكرملين ومتى ..بعد يومين؟؟هذا التعامل الجاف والفض والمخالف لكل الاعراف والتقاليد الدولية لم يحرك في السيد المالكي حمية ونخوة العراقي بل لم يحرك فيه ما يعرف عن بني مالك من جنون واعتداد بالنفس ذهب بين القبائل كمضرب للامثال.
وقد يكون في صبر المالكي وتحمله لكل الاجراءات التعسفية والتي اظهرت عدم احترام واهتمام من قبل الجانب الروسي لاعضاء الوفد العراقي هو ارسال رسالة الى الامريكان مفادها قدرة الرجل على ايجاد البديل المؤثر القادر على سد الفراغ والقيام بمناورات وحركات تتناسب عكسيا مع حركة الامريكان الذين بدأو باجراءات الطلاق الفعلية مع السيد المالكي ابتدأوها بانزال قواتهم العائدة في مطار بغداد بعد ان رفض المالكي نزولها في العراق على خلفية عدم منحه تأشيرة دخول الى واشنطن للمشاركة في اجتماعات الجمعية العامة للامم المتحدة،من جانبهم الروس كانوا على دراية ومعرفة بكل عوامل الانفصال والطلاق التي كانت تجري بسرية بين الامريكان وبين رئيس الحكومة العراقية وكانوا على يقين من صبر المالكي على غرورهم وخبثهم لانه مضطر ومن اضطر بسبب غطرسة الامريكان فلا اثم عليه.
لم يكن المالكي موفقا في صفقة التسليح الموقعة مع الروس الى حد كبير لاسباب فنية وسيادية وخلافية فالاسلحة التي كثر الحديث عنها لا تتعدى اسلحة دفاعية بسيطة وقد تكون من بقايا خردة الاتحاد السوفيتي المنحل وهي من قبيل الكلاشنكوف والاسلحة البدائية كما ان هذه الصفقة عمقت الفجوة بين دولة القانون التي ينتمي لها رئيس الوزراء وبين التحالف الكردستاني المتوجس والمتخوف والمتحفز لكل جديد ومثير وجعلت المسافة بين الطرفين تصل حدا قياسا وقد تزيد على المسافة بين موسكو وواشنطن،وهي فوق هذا وذاك خلفت ورائها حزمة من التسائلات عن جدوى هذه الزيارة ومدى الثقة التي يمكن ان يضعها المالكي في اصدقائه الجدد الروس خاصة اذا ما علمنا امكانيات الروس المحدود والمتواضعة رسميا وعسكريا مقارنة مع الامريكان من جانب وتناغم الروس مع الكرد ومطالبهم ومخاوفهم من جانب اخر بدليل الدعوة الاخيرة التي وجهت الى بارزاني لزيارة موسكو حتى يمنح صفقة الاسلحة جواز العبور او تنقلب موسكو على المالكي فيكون قد اضاع "المشيتين".