البطاقة التموينية كانت حلا للأسعار التي لم تستطع الدولة بقوتها وبطشها ايام النظام السابق حين كان يعدم بالشارع وأمام الناس من يخرق قانون الدولة واقتصادها المحاصر من قبل العالم كله،فلم تستطع العوائل محدودة الدخل من الحصول على قوت يومها فانتشر الجوع وهروب من يستطيع الهرب من اجل الحصول على لقمة العيش او يجمع ما يستطيع من خلال بيعه لأثاث بيته حتى يتمكن من السفر لإحدى الدول المجاورة وخصوصا الاردن وسوريا لأنها الدولتين فقط تستقبل العراقيين و دينارهم كانت له قيمه اعلى من الدينار العراقي فيتغرب البعض لعام او عامين ،الشاب يتزوج وصاحب العائلة يرسل لهم المصروف والبعض ترك المدينة وذهب للريف للعمل في الزراعة بالرغم من عدم ممارستها سابقا لكي تستمر الحياة،وبخطوة غير مسبوقة بالعراق اقدمت الحكومة على اقامة مشروع البطاقة التموينية التي يتوفر من خلالها المواد الاساسية الغذائية كالطحين والرز والسكر وبعض المواد الاخرى حيث تم الاتفاق ومن خلال منظمة الامم المتحدة على برنامج النفط مقابل الغذاء والدواء وهذا البرنامج ساهم وبشكل كبير في استمرار النظام لأنه يحتوي على ثغرات كثيرة لكن لحد ما وفر لقمة العيش للعوائل الفقيرة،وتأمل الناس خيرا بعد سقوط النظام السابق حتى انه انتشرت شائعات قبل الانتخابات الاولى بل ونشرت بعض الصحف بأنه سوف يتم تعزيز البطاقة التموينية وسوف يضاف لها اربعين مادة فهلل من هلل وصفق الاخرون وانتعشت الامال وتعززت الثقة بالحكومة التي سوف تقضي على الفقر وسوف يصبح الشعب العراقي حاله كحال الشعوب الخليجية النفطية فالمواطن فقط يأمر وينهي ويأكل وينام ويتم جلب العمالة الاجنبية للعمل بدل العراقيين الذين اصبحوا اغنياء!!! لكن هذا الحلم لم يدم طويلا فأخذت مفرداتها بالتقلص والانحسار وبالرغم من ذلك فان الناس لازالت تتأمل خيرا بتدعيمها ،ولكن ان تقدم الحكومة على الغائها بحجة الفساد الذي يتخللها وتعويضها بمبلغ من المال لايسد حاجة واحدة منها فالأمر يحتاج الى توضيح ومبررات منطقية وعلمية وواقعية فكيف لدولة لم تستطع ان تحاسب الفاسدين وتعاقبهم ان تحافظ على سعر تلك المواد والتجار العراقيين معروفين ببشاعتهم واستغلال الناس وقد جربهم الشعب ايام الحصار في التسعينات وما يفعلون من خلط علف الحيوانات مع طعام البشر من اجل الربح السريع،خصوصا وانه لايوجد رادع قانوني ومحاسبة ومن يقدم بالعرض والطلب هل يكون نزيها ونحن نعلم الكثير من المفتشين في الدولة شملتهم النزاهة فإذا الفساد طال النزاهة كيف ستحافظ الدولة على الاسعار،فاليوم الكل يتجاوز بعض المواطنين يتجاوزون على الرصيف وبعضهم على الشارع العام بغلقه كيف ما شاءوا والبعض على المال العام ،فكيف يتم ضبط الامور والى متى الهروب للإمام ،فعلى القائمين على الامر اولا نشر النظام وسيادة القانون والقضاء على الفساد ومحاربته بكل الوسائل ومحاسبة الكبار من موظفي الدولة المحصنين اصحاب الشركات الكبيرة التي تستثمر في دول اخرى اموالها وتتاجر بقوت ابناء الشعب الفقراء بدل الغاء البطاقة التموينية التي سوف تكون القشة التي تقصم ظهر البعير.
عدنان السباهي