فبعد التحول الذي شهده العراق من النظام الملكي إلى الجمهوري مر العراق بخمسة عهود تحت النظام الجمهوري امتدت منذ عام ١٩٥٨ ولغاية ٢٠٠٣ ، أما فيما يخص الحياة البرلمانية والانتخابية خلال هذه العهود الخمس فهي كما يأتي:
العهد الأول (الجمهورية الأولى): تزعم العراق خلال تلك الفترة الزعيم عبد الكريم قاسم للفترة ما بين (١٩٥٨-١٩٦٣)، إذ لم تكن هنالك انتخابات يخرج منها سلطة تشريعية تمثل الشعب، بل أوكلت مهمة السلطة التشريعية إلى مجلس الوزراء ليتولى مجلس الوزراء السلطة التشريعية بتصديق مجلس السيادة ومجلس السيادة يتكون من رئاسة الجمهورية والذي يتألف من رئيس ونائبين.
اما العهد الثاني (الجمهورية الثانية): تزعم العراق خلال تلك المرحلة عبد السلام محمد عارف للفترة ما بين (١٩٦٣-١٩٦٧) نص دستور ١٩٦٣ على التالي "مجلس الأمة هو الهيأة التي تمارس السلطة التشريعية". أما كيفية تأليف مجلس الأمة وعدد أعضائه وطريقة انتخابه ودعوة الناخبين فقد رسمها الدستور وتم اقتراح ان يمارس المجلس الوطني لقياد الثورة ومجلس الوزراء السلطة التشريعية، وفيما بعد تم تشكيل مجلس شورى تكون له صلاحية ممارسة السلطة التشريعية على ان يتم تعيين أعضائه وتوضيح صلاحياتهم وشروط تعيينهم ومخصصاتهم وكيفية ممارستهم لها بقانون، الا أن الملاحظ ان هذا التعديل لم يطبق ولم تمارس الحياة النيابية في العهد الجمهوري الثاني.
العهد الثالث (الجمهورية الثالثة): تزعم العراق خلال هذه الفترة عبد الرحمن محمد عارف شقيق الرئيس السابق عبد السلام محمد عارف حيث خلفه في حكم العراق للفترة مابين (١٩٦٦-١٩٦٨) ولم يتغير الدستور ولم تمارس أية حياة برلمانية في العراق.
العهد الرابع (الجمهورية الرابعة): تزعم العراق خلال هذه الفترة أحمد حسن البكر للفترة الواقعة بين (١٩٦٨-١٩٧٩)، اذ صدر الدستور المؤقت لعام ١٩٦٨ وحدد من خلاله (نظام الحكم) حدد فيها واجبات مجلس قيادة الثورة بإقرار القوانين والأنظمة والمعاهدات والاتفاقات الدولية كذلك إصدار قرارات لها قوة الإلزام كذلك خول إصدار القوانين التي لها قوة القانون، وقد وعدت الديباجة للدستور المؤقت بإعداد الدستور الدائم وتشكيل المجلس الوطني الذي يمثل القطاعات الوطنية كافة، ولم يصدر الدستور الدائم ولم تنظم أحكام المجلس الوطني.
العهد الخامس (الجمهورية الخامسة): تزعم العراق خلال هذه الفترة صدام حسين للفترة الواقعة بين (١٩٧٩-٢٠٠٣)، وتعتبر هذه الفترة هي امتداد للفترة التي سبقتها لكون حزب البعث هو المسيطر على مقاليد الحكم في العراق منذ حكم احمد حسن البكر ومن ثم تولي صدام حسين للحكم فيه، اذ عمل العراق في العهد الجديد على إلغاء قانون المجلس الوطني الذي صدر سنة ١٩٧٠ حيث صدر القانون رقم (٥٥) لسنة ١٩٨٠ الذي تم فيه دمج قانون الانتخاب وقانون المجلس الوطني، وقد بين القانون الصلاحيات المناطة بالمجلس منها تشريع القوانين، أما كيفية اختيار أعضاء المجلس فيتم عن طريق الانتخاب الحر المباشر، الا أن الملاحظ على هذه الفترة ان حزب البعث قد هيمن على المجلس الوطني لكون معظم أعضائه يتم انتخابهم من أعضاء حزب البعث، فضلاً عن الأوضاع الاستثنائية التي يتم على أساسها تمديد عمل الدورة إلى أجل تحدده الحكومة وفقاً لما ترتئيه، فضلاً عن أن اغلب المراقبين للعملية التشريعية في العراق خلال الفترة آنفة الذكر قد أوضحوا أن هذه العملية صورية لكونها مهيمناً عليها من قبل الحزب الحاكم، فالنتيجة المستخلصة أن العراق لم يشهد خلال هذه الفترة أي عملية ديمقراطية بالمعنى الصحيح لها.
العهد الجديد بعد (٢٠٠٣): شهدت الساحة العراقية تحولاً عنيفاً وداميا قد تم احتلال العراق من قبل قوات أجنبية تزامن معها ولادة نظام سياسي جديد مبني في إطاره العام على الديمقراطية واختيار ممثلين عن الشعب، تكون لهم سلطة تشريع القوانين ومراقبة ومحاسبة الحكومة في عملها، وقد مر العراق بعد ٢٠٠٣ بعملية انتخاب الجمعية الوطنية التي لم تضم كل أبناء الشعب العراقي ، وبعد عام ٢٠٠٦ خاض العراق انتخابات مجلس النواب الذي تشكل على أسس طائفية ابعد عن الهوية الوطنية ودخلت المحاصصة الطائفية في العراق وفق رؤية القادة الجدد للعراق، وبعد انتخابات ٢٠١٠ تشكل مجلس النواب العراقي على اساس المشاركة الوطنية ومايزال يعمل بانتظار الانتخابات القادمة وماسيؤول اليه الوضع العراقي مستقبلا.
الا أن المهم في الأمر كله العملية التشريعية وكيفية اختيار النواب وما هو دورهم في العراق الجديد، فمن المقارنة بينه وبين باقي العهود التي مر بها نجد أن مجلس النواب العراقي الحالي أكثر فعالية من ما سبقه على كل فترات العراق التاريخية، هذا على الرغم من الشوائب التي تشوب العملية السياسية ككل في العراق .