وشاءت الاقدار ان يباغت الخطر المحدق بعلامات الموت السيد الرئيس وهو يؤدي مهام عمله المضنية في بغداد والتي يقف خلفها السيد رئيس الوزراء نوري المالكي ورئيس الاقليم السيد مسعود بارزاني دون ان يترك له الخطر اي خيار غير مشاركة الفقراء والمعدمين بؤس المكان في اقدم مدينة طبية في العراق والتي لم يبقى منها غير الاسم فقط ورائحة العفونة والقطط والجرذان والدواء وزي الاطباء والممرضات.
ويعتبر نزول السيد الرئيس ضيفا عزيزا في ردهات وصالات مدينة الطب مفخرة لهذا الارث الطبي الذي لم يبقى منه الا الرسم فقط حتى وان لم يكن بارادته لان رقود ابو العراقيين في ردهة العناية المركزة بعد ان تم اخلائها من جميع النزلاء سيجعل هذه المؤسسة الصحية المهمة اما انظار السادة المسؤولين التنفيذين علهم يشعروا بالخجل والحياء امام مشاهد التخلف في دولة يمثل الطب فيها من ابجديات تاريخها وسيضعهم امام حرج ضيوفهم الذين يرغبون بالاطمئنان على صحة وسلامة الرئيس،وسيطلعون على الواقع الصحي دون رتوش او تلوين او اصباغ باهتة.
انا اعلم ان وجود الرئيس في مدينة الطب املته ظروف الحاجة والقدر والا لو كانت الاوضاع الصحية للرئيس تتحمل نقله من مكان الى اخر لنقل الى اربيل او السليمانية على اقل تقدير لان المؤسسات الصحية في هذه المدن اصبحت قبلة للعراقين الراغبين بالعلاج في ظروف تجعلهم يشعرون انهم ينتمون الى جنس البشر على عكس ما يعتقده المواطن العراقي عندما يراجع مدينة الطب او اي مؤسسة صحية في مدن العراق الاخرى باستثناء اقليم كردستان،واعلم ان الفريق الطبي للرئيس لن يقتصر على العراقيين وان علاجه لن يكون من الصيدلية التي تقع نهاية الشارع القريب من مدينة الطب لعدم وجود دواء في صيدلية ردهة الطوارئ في المدينة الطبية.
لقد قدم الرئيس طالباني الكثير من اجل خدمة العراق والعراقيين طوال مسيرته الجهادية ضد النظام البائد وخلال تصديه لمسؤولية رئاسة الجمهورية في الفترة التي اعقبت سقوط نظام صدام بعد عام ٢٠٠٣ وهو الرئيس الوحيد الذي جمعته بالشعب العراقي روح الفكاهة والنكتة والبساطة وهو الرئيس الوحيد الذي يرقد في مدينة الطب من بين جميع الوزراء والنواب والمسؤولين،انها مصادفة غريبة ان يتواصل اهتمام السيد طالباني باحوال العراقيين حتى في حالة مرضه وان لم يكن بارادته لان وجوده في مؤسسة صحية لا تصلح للبهائم سيجعل الحكومة تخجل من نفسها وربما تفكر بما هو افضل في قادم الايام لتفعله للعراقيين.
اتمنى ان يتعض اصحاب القرار في الحكومة العراقية وان يلتفتوا الى تغيير الواقع الصحي في المؤسسات الطبية المنتشرة بجميع المحافظات ليس حبا بالشعب العراقي ولكن خوفا من يدركهم القدر في لحظة يصعب فيها نقلهم الى مستشفيات دول الجوار او دول العالم المتطورة وبالتالي لن يكون لديهم خيار غير طرد الفقراء من صالات الانعاش وهذه مأسات مركبة لان المواطن مطارد من الحكومة في صحته وكذلك في مرضه.
اتمنى ان يقوم الرئيس طالباني من الوعكة الصحية التي المت به مكللا بغار الصحة والعافية وان يعود لممارسة دوره كاب وراعي وصمام امان للعملية السياسية وان لا يعود مرة اخرى لمدينة الطب وانا متاكد من انه لن يعود اليها.