وبعد كل ازمة يختلقها المالكي تكون نتيجتها تقديم التنازلات والاعتذارات وارباك لوضع البلد الداخلي وارباك لعلاقته مع دول الجوار الاقليمي ,ومع المحيط الدولي حتى اصبحت الدول المعنية في الامم المتحدة برفع الحصار عن العراق واخراجه من طائلة البند السابع تتخوف من مستقبل العملية السياسية وقد تقف عائقا امام اصدار قرار بهذا الشأن .
والازمة هذه المرّة , اعتقال حماية وزير المالية العراقي رافع العيساوي .. فقد تفاجئ الجميع عندما اعلن ومن خلال وسائل الاعلام عن قيام قوة خاصة بمداهمة منزل السيد وزير المالية واعتقال مسؤول حمايته ومجموعة كبيرة من افراد الحماية , والملفت للنظر انه في الوقت الذي تمت به المداهمة كان يعقد اجتماع لقيادات سياسية وحكومية في بيت العيساوي ولم تحترم هذه الشخصيات وتم حجزهم جميعاً في غرفة , وتعرض بيت الوزير الى التخريب من قبل القوة المهاجمة بدون ان تراعى اي حرمة لوزير وزارة سيادية وقيادي بارز مثل رافع العيساوي .
فياترى هل صحيح ان التهمة الموجهة لحماية العيساوي تستحق ان يتم مهاجمة بيته ؟ وهل تستحق كل هذه المناورة والعرض للعضلات من قوات محسوبة على رئيس الحكومة ؟ وماهي خلفيات هذا الموقف ؟ هل هي قصة طارق هاشمي ثانية ؟ ومن هو القادم ؟ ماهي خلفيات هذا الموقف الذي جعل البلد على حافة الهاوية وكادت الامور تتجه نحو الاسوء لولا حكمة العقلاء وتدخل قيادات سياسية ذات تاثير على الطرفين يقف على راسها السيد عمار الحكيم لفك حصار الازمة والا كانت النتيجة قد تؤدي الى مالايحمد عقباه وخير دليل على ذلك قطع الطريق السريع من قبل انصار العيساوي وتوقف الحياة التجارية والمدنية بين طرفي البلاد الغربي والجنوبي .
وهنا السؤال الذي يطرح نفسه , ماهي خلفيات هذا الموضوع ؟
ذكرت مصادر مقربة من الطرفين ومن اروقة التحقيق الخاصة بالقضية ان ملف قضية اتهام حماية العيساوي قديم وان المعلومات التي وردت في القضية تشير الى وجود تجاوزات حصلت من قبل افراد من حماية العيساوي على جماعة صالح المطلك اثناء الانتخابات سببها التنافس على كسب هوى الشارع السني في المناطق الغربية وبالتحديد في محافظة الانبار .. ويقول الدكتور صالح المطلك عن هذا الموضوع ( انه ملف قديم تم التنازل عنه بعد التوافقات التي حصلت في الانتخابات ودخول المكون السني بقائمة واحدة حسم خلافات بين الفرقاء السياسيين السنة في حينها ) .
ويبدو من تحليل المعطيات ان القضية التي اثارها المالكي ضد وزير المالية ليس الهدف منها الحد من الارهاب أو الحد من استغلال الصفة الحكومية في تنفيذ اعمال اجرامية وانما الهدف منها خلق جو وراي عام مضاد يستفاد منه المالكي في التغطية على الاخطاء الكبيرة التي وقعت بها حكومته وملفات الفساد التي طفحت رائحتها حتى أصبحت نتنة آخرها ملف صفقة السلاح الروسي.
الازمة الاخيرة لها مردودات السلبية على الموقف السياسي , والاجتماعي , والامني , فعلى المستوى السياسي خلقت الازمة جو من الاحتقان الطائفي بين مكونين اساسيين يشكلون حكومة شراكة وطنية كما يدعون .. مما يؤثر على مساحة التوافقات السياسية لحل أزمات قديمة عالقة , والاهم من ذلك أنها جعلت الفرقاء السياسيين السنة يقفون في خندق واحد وياليت وقوفهم هذا فيه مصلحة للبلد بل هو اصطفاف طائفي ضد الحكومة التي تقودها الاغلبية الشيعية ,
وعلى المستوى الامني فان قطع الطريق السريع وقيام مجاميع ارهابية بتنفيذ عمليات مسلحة طالت المدنيين ساهم في زعزعة الوضع الامني الذي هو بالاساس وضع هش ويحتاج الى اصلاحات حقيقية .
اما على المستوى الاجتماعي , فقد ساهمت ازمة اعتقال حماية رافع العيساوي في تجذير النفس الطائفي وخلقت مناخ مناسب للذين يصطادون في الماء العكر من الذين لا يردون للعراق الخير والادهى من ذلك كله هي حالة الخوف والتردد الذي زرعته هذه الازمة وسابقاتها لدى الراي العام الدولي مما قد يساعد على اصرار الدول الاعضاء في الامم المتحدة لأبقاء العراق تحت طائلة عقوبات البند السابع وعندها سيصبح لدى القوى العظمى وعلى رأسها امريكا مبرراً للتدخل العسكري في الشأن العراقي متى ما ارادت ذلك.
ان وجود رئيس الوزراء نوري المالكي على راس السلطة يعني عدم استقرار العراق ويعني قيام نظام (ديمقراطي دكتاتوري) لا يؤمن لا بالغالبية ولا بالشراكة ولا بالتداول السلمي للسلطة ويعتمد سياسة الاقصاء والتهميش وخلق الازمات مما قد يسبب في تفاقم الاوضاع , وتفكك اللحمة الوطنية وقد يؤدي بعدها الى تجزئة العراق على اساس مكوناته الثلاثة الاساسية .
ان كل ما يقوم به المالكي من اعمال يعتقد انه يكسب بها الشارع العراقي الشيعي وهذا هو عين الوهم فالعراقيين اليوم يعون جيدا ان رئيس الوزراء رجل فاشل وان حكومته حكومة فاسدة وان ادارته للبلاد ادت وستؤدي الى خراب العملية السياسية وقد تؤدي الى نشوب حرب داخلية لا تنطفيء نارها .