ولعل قضية الهاشمي تعد نموذجا فذا لهذه الحالة فرغم أنها بدأت منذ أكثر من عام و رغم صدور حكم الإعدام بحق المتهمين فان بعض الأصوات لا تزال تطالب بإعادة الهاشمي إلى منصبة مؤكدين براءته من التهم المنسوبة إليه ولسنا ندري من أين جاء هذا اليقين ببراءة المذكور لبعض الساسة أو لرجل الشارع الذي يخرج مدافعا عن رموز أهل السنة والجماعة فهل يوجد بلد ما ديمقراطي أو غير ديمقراطي تحل في المشكلات عن طريق الفوضى والتشكيك بالقضاء والادعاء بأنه قضاء مسيس !!
وإذا أردنا أن نتذكر واقعة النخيب التي نشبت اثر قيام مجموعة إرهابية بقتل مجموعة من الزوار الذاهبين لزيارة ضريح في تلك المنطقة وثم مبادرة قوة عراقية من محافظة كربلاء باعتقالهم وكيف رأينا انطلاق الشارع السني بالتظاهرات وكيف تأججت الأوضاع وارتفعت المطالبات وأصرار الساسة على أن يعاد المتهمين إلى محافظة الانبار وإلا فان الويل والثبور وعظائم الأمور ستقع ولا احد سوف يقي الحكومة من شرها ثم تجاوبت الحكومة مع المطالب .
ولعل الأزمة مع إقليم كردستان التي نشبت بداياتها عندما حاول الجيش العراقي السيطرة على الحدود بين العراق وسوريا ثم وصلت الأمور إلى حد المواجهة المسلحة ثم استوعبت الحكومة الأمر ولم تواصل قوات ا لجيش تقدمها ثم ثارت ثائرة الأكراد عندما قام السيد رئيس الوزراء بتأسيس قيادة دجلة وتطورت الأمور إلى حد التحشيد الكامل وتفرق العراق شيعا وأحزابا كل يدلوا برأي لا يشبه الأخر حول الموضوع وبادر البعض إلى طرح التهدئة كسبيل وحيد على ان يتم علاج المشكلة من خلال اجتماعات لاحقة .
وبينما لا تزال الأمور بين اليأس والرجاء فإذا بقرن أزمة جديدة يطل علينا من بين أنقاض أزمة الهاشمي ألا وهو ما عرف بأزمة العيساوي عندما اندفع بعض الإخوة السنة يدافعون بنفس الاستماتة المعهودة عن قائدهم وبطلهم رافع العيساوي وعادة نغمة القضاء المسيس تطل براسها على شاشات التلفاز وخرجت التظاهرات في مناطق سنية منددة بالفعل المنكر وقطع اهل الانبار الطريق الدولي مطالبين بإطلاق سراح حماية العيساوي وليس هذا فقط بل اعادة فتح التحقيق في قضية الهاشمي ورفع الحيف عن اهل السنة وخرج علينا رافع العيساوي وهو يهدد ويتوعد ويكيل الاتهامات والاهانات لشخص السيد رئيس الوزراء ولعل اغرب ما يمكن أن يحدث في هذا الصدد هو دعوة العيساوي لرئيس الوزراء للاستقالة ففي كل مرة تدعو القائمة العراقية لسحب الثقة عن السيد نوري المالكي لكن هذه المرة قام العيساوي لوحده بسحب الثقة عنه وعلى طريقة القائد الضرورة الذي إذا نطق نطق العراق كله
وهذا يدفعنا إلى التساؤل عن الذي يريده العراقيون هل اتفقوا على ان لايتفقوا ابدا فحين تصدر الحكومة امرا بالقبض على المفسدين والارهابيين نرى البعض يهب ويتظاهر على هكذا قرار فاين الدستور من هكذا افعال ؟ اين الدستور العراقي الذي منح للحكومة شرعيتها وقانونيتها ؟؟ وكيف بتلك الافعال الهوجاء تتمكن حكومتنا الفتية من السير نحو بر الامان ؟
ويمكن ان نحصر الجواب على هذه التساؤلات بما يريده هؤلاء هل يريدون فوضى وصراعات على هذا النحو وان يظل البلد واقفا بناسه وثرواته رهن بإرادة بعض المؤتمرين بأوامر قطر والسعودية وتركيا ام ان هذه الحالة يجب أن تتوقف وان يفكر العراقيون بان احد طريقين لا ثالث لهما الأول ان يختاروا التعايش كحل لمشكلة هذا البلد الذي شاء القدر والظروف التاريخية أن تجعل منه بلدا متنوعا او ان يقولوا لا نريد التعايش وعلى العراقيين في هذه الحالة أن يقسموا العراق إلى دولا عديدة كل دولة لطائفة منهم ثم لتتصارع هذه الدول على هذا الأمر أو ذاك إلى ما لانهاية .