واخيرا وبعدما ادركت ان الازمة اخذت تنحو منحى خطيرا للغاية قررت المرجعية ان تتدخل بقوة للحؤول دون حصول الانهيار والخراب الكبير لهذا البلد... ويخطأ من يعتقد ان المرجعية الدينية المباركة كانت في اي يوم من الايام منزوية ومعزولة ومنعزلة، بل على العكس تماما انها كانت ومازالت وستبقى حاضرة وفاعلة ومؤثرة، ولكن للذين يعتقدون انها عديمة التأثير والفاعلية، لابد من القول ان حكمتها وهدوئها وتقديرها الصائب للمواقف وتوقيتها للتدخل وطبيعته ومستواه يجعلها تبدو للذين ينظرون الى الامور بسطحية او يسعون الى التشويه والاساءة والتشهير ، انها منزوية وعديمة التأثير، ولو كانت كذلك بالفعل لما لاذ ولجأ اليها الساسة حينما تشتد عليهم الضغوطات وتتصاعد حمى الخلافات فيما بينهم ويجدون انفسهم عاجزين عن التوصل الى حلول ومخارج عملية للازمات.
الكل يعترف اليوم ومثلما اعترفوا في مناسبات سابقة بأهمية وحكمة المرجعية وحسن تصرفها وتدبيرها وصحة مواقفها ورؤاها.
فالكثيرون يرددون اليوم قائلين (ان تدخل المرجعية الدينية مهم بعد ان اغلقت ابوابها امام رجال السياسية منذ أكثر من عامين ورفضت لقاء الكثير من المسؤولين لان الحكومة لم تسمع لتوصياتها). ويرددون ايضا (تلقينا بارتياح بالغ اهتمام المرجعية الدينية في النجف بمطالب المتظاهرين وتكليف الائتلاف الوطني رئيس المجلس الأعلى الإسلامي عمار الحكيم، لعقد اجتماعات مع الكتل السياسية لحل الأزمة التي تمر بها البلاد حالياً).
واليوم حينما يرتفع صوت المرجعية الدينية مرة اخرى ليعضد مطاليب واصوات ابناء الشعب العراقي، ويصحح المسارات الخاطئة ويؤشر على مواضع القصور والتقصير والضعف والخلل، فأن ذلك يعكس حكمتها وحرصها على مصالح الناس، وحملها لهمومهم ومعاناتهم وسعيها الدؤوب لانهائها.
وهذه المواقف الحكيمة ليست بجديدة على المرجعية الدينية المباركة التي عرفت بحسن تعاطيها مع الامور، لاسيما في المنعطفات الحساسة والظروف الحرجة والتحديات الكبرى.