كانت هناك تأثيرات –ولو محدودة- للرأي العام قبل ١٩٦٣.. لكنها تراجعت الا لفترات قصيرة.. مما افقد البلاد حراكاً لا يمكن بدونه الكلام عن نظام يحمي المواطنين ويراقب الدولة، لتحقيق العدالة ولو بابسط شروطها.. فلقد فرح العراقيون بانتشار الصحف والفضائيات واجواء الحريات العامة.. لكن القلق اصابهم مع عودة بعض ممارسات النظام القديم. فعودة الرأي العام ليصحح المسارات تطور ايجابي يجب استثماره. ويجب دعم وتشجيع السلطات التنفيذية والقضائية والكتل السياسية في المضي بهذا النهج.. والترحيب بعمل واجراءات اللجنة الوزارية لتصفية عدد من الخروقات المناقضة للدستور والمبادىء الاساسية لحقوق المواطنين. فبناء الحياة الدستورية وحماية حقوق المواطنين ليست مجرد قرارات وموادا تكتب على الورق.. بل هي تطبيقات وقناعات يصبح فيها القاضي والمسؤول والعسكري محكوماً بضوابط تسيطر على انفعالاته وقناعاته الشخصية. ويخطىء من يريد استغلال الانحرافات والاخطاء للادانة فقط.. فالاهم استثمارها للمضي للمزيد من الاصلاحات. فنظامنا الدستوري والقضائي والتنفيذي ما زال هشاً وحديثاً.. وستحصل انتكاسات واحباطات.. فمعركة بنائه طويلة الامد، امام ترسخ الثقافة والتشريعات الاستبدادية، والفساد والمنافع المادية والاعتبارية لكثيرين. ولن يتحقق النجاح فيها لا منة.. ولا دفعة واحدة.. ولا ببطولات شخصية.. بل يجب مراكمة الايجابيات وتطويق السلبيات.. ونشر الثقافة المدنية والديمقراطية والشرعية. فتحصين الرأي العام ضد الخروقات، ضمانة للجميع، بدون استثناء.
فاذا استطاع نظامنا وهيئات الرأي -في هذا المقطع من تجربتنا- حماية حق المتهم بعدم توقيفه اكثر من ٤٨ ساعة دون توجيه تهمة قضائية له.. واعتبر التعذيب جريمة ومنع منعاً باتاً.. وتم قبول الكفالة في كافة القضايا عدا المادة ٤٠٦ للقتل العمد، او في حالات استثنائية ومبررة، بعيداً عن اي مزاج.. وعدم تأخير الافراج عمن صدرت بحقه احكام اطلاق السراح.. ولم تصبح استثناءات القوانين هي المعمول بها، لتوضع القواعد ومواد الحقوق على الرف.. واذا ما اتبعت الاجراءات الاصولية للاعتقال والتحقيق ومنع العقوبة الجماعية.. فان نظامنا القضائي والتنفيذي سيحقق خطوات مهمة تسمح بالتقدم نحو تطبيق العدالة ومحاربة الجريمة والارهاب.