قد يستغرب القارئ عن المناسبة التي اكتب بها عن هذه الشخصية الفذة .حيث انها ليست بداية العام الدراسي لِاَحث اخوتي المعلمين والمدرسين على بذل الجهود الكبيرة لخدمة ابنائنا الطلبة ,التي ما ان يبدا العام الدراسي الا وتبدا الاعلانات والفلكسات لتعلن بدا موسم الدروس الخصوصية والتسابق فيما بينهم للحصول على اكبر عدد ممكن من الطلبة وكانهم في حملة انتخابية . وليست هي مناسبة لعيد المعلم لاقدم لهم التهاني والتبريكات بيومهم الجليل الذي باعناقنا دين مهما فعلنا لانستطيع ايفائه وقول شاعرنا الكبير الرصافي الذي يشبههم بالرسول لعظمة مهمتهم. فالرسول يرسله الباري لينقذ البشرية في زمانه من الواقع المظلم الى عالم النور والطمأنينه والعدل . قد يقال بان هذا البيت الشعري وعيد المعلم يشمل المعلمين لانهم يتعاملون مع الطفل الصغير وهو كالطين يحركوه كيف ما يشاؤون وكما يقال التعلم بالصغر كالنقش على الحجر . وانا اقول لا ان لدور المدرس اثر كبير في بناء شخصية الطالب او الشاب العراقي وخصوصا انهم يتعاملون معه في اخطر مراحل عمره مرحلة حرجة في بناء الشخصية مرحلة المراهقة الذي يجد فيها الشاب بان البشر كلهم على خطا ورايه هو الصحيح ,فيتصرف تصرفات فردية ليشعر برجوليته ,والنفور من التقيد العائلي والاوامر الابوية وان كانت صحيحة وتصب في مصلحته .فتراه يهرب بذهنه ونفسيته من الواقع العائلي ليتجه لواقع الاصدقاء ويجد ما منع منه بالبيت مباحا له عندهم فيكونون له ملاذا امنا فان كانوا صلحاء يصلح معهم وان كانوا منحرفين لاسامح الله فينحرف معهم ولو قليلا حتى يستعيد وعيه وخروجه من هذه الدوامة .وهنا ياتي دور المدرس ليكون القدوة المثلى والمؤثر الحقيقي حتى اكبر من الاب والاخ الاكبر . فانا لازلت اتذكر استاذ الاجتماعيات ذو الشخصية الكبيرة الاستاذ جدعان ومدرس الاحياء ذو الشخصية الانيقة الاستاذ عبدالعزيز وغيرهم واتذكر مواقفهم وتصرفاتهم التي كانت تعجبني الى حد ما في مرحلتي المتوسطة والاعدادية في اوائل ثمانينيات القرن الماضي .اما اذا وجد هذا الشاب المدرس مع احترامي لكل المدرسين في احط درجات الالتزام بالمبادئ والاخلاق فماذا يفعل ؟ ففي تسعينيات القرن الماضي حدثني احد اصدقائي المدرسين حيث كان راتب المدرس لايتجاوز ٣٠٠٠دينار عراقي او يزيد قليلا بان هناك احد المدرسين في المدرسة وكان كبير في العمر ولديه خدمة اكثر من ٢٥ سنة قام ببيع اسئلة امتحانات نصف السنة بمبلغ زهيد جدا لكل طالب حيث يقول صديقي والعهدة على القائل مثلما يقول المتحدثون عندما حاججته لماذا فعلت هذا وانت استاذي وخدمتك كبيرة الم يكن هذا حرام ومن المال السحت ؟ فرد عليه الاستاذ ابني عندما لايكون في بيتك رغيف خبز تطعم اولادك ويكابدون الم الجوع لايكون لك الا هذا الطريق سبحان الله (لو كان الفقر رجلا لقتلته) فبدلا من ان اشتري بضع كيلوات من الطحين ابو الفصم الذي كان سائدا في زماننا زمن قائد الحملة الايمانية اشتريت كيسا من الطحين الابيض من باب الغاية تبرر الوسيلة على ما اعتقد. قد نقول ذاك زمنا ولا وكان هناك غاية ما اما في زماننا هذا حيث الرواتب الكبيرة والامتيازات الاخرى ويبرز هنا وهناك من يبيع الاسئلة او يتقاضى مبالغ من المال من الطلبة لكي يضع لهم الدرجات العالية ليبخس حقوق الاخرين فهذا ما لايقبل من اخوتنا المدرسين الذي وضعنا فلذات اكبادنا في ايديهم .