تظاهرات المحافظات الغربية التي ناهز عمرها الخمسين يوماً وصفها الكثير من المراقبين بانها مازالت سلمية بإطارها العام على الرغم مما شابها في الفلوجة من خرق امني اودى بحياة ضحايا من رجال امن ومتظاهرين.. ولكن التظاهرات لم تخرج ببعدها الاكبر عن كونها سلمية ترفع قائمة مطالب بينها ما هو مشروع ويندرج ضمن حقوق المواطنة.. وبينها ما لا يتوافق مع الحدود الدستورية والقانونية ويحتاج الى جهود تشريعية وتنفيذية وازمان قد تكون طويلة للبحث فيها وتدارسها قبل الوصول الى مرحلة تلبيتها.
ورغم أن اللجان التي شكلتها الحكومة وكذا شكلتها بعض الكتل السياسية بينها التحالف الوطني والتي كلفت دراسة وتلبية مطالب المتظاهرين المشروعة ورغم تحقق الكثير من الانجازات عبر تلبية عدد من تلك المطالب.. إلا ان العديد من العقلاء بينهم نواب فهموا أن الدافعين صوب التصعيد من أزلام النظام البائد وعناصر القاعدة الارهابية ممن يتلقون دعماً من بعض البلدان الاقليمية.. أيقنوا أنّ بقاء التظاهرات بإطارها السلمي سيكون عامل تقوية للنظام السياسي الحاكم الذي يعادوه جملة وتفصيلا.. وان التظاهرات سوف لن تفلح بإسقاط هذا النظام.. الامر الذي دفعهم لقود الامور نحو التصعيد عبر الدعوة لنقل التظاهرات الى بغداد من إجل إشعال نار الفتنة والنفخ بجمر الحرب الاهلية.
وإزاء هذا.. فقد ناشد التحالف الوطني اهالي المدن الغربية التي تشهد هذه التظاهرات بضرورة إلغاء الدعوات الرامية لنقلها الى العاصمة حفاظا على ارواح المواطنين، وتحاشيا لما يمكن ان يؤدي الى زعزعة الوحدة الوطنية، وتحذيرا من تداعياتها الخطيرة على الوضع الأمنيِّ العامّ ليس في بغداد وحسب بل وبقية مدن البلاد، حيث شدد التحالف ان دعوة الزحف ستمثل فرصة مثلى لأعداء العملية السياسية من البعثيين الصداميين وتنظيم القاعدة لإثارة الفتنة الطائفية، لاسيما وان تلك الدعوة ترافقت مع هتافات وشعارات طائفية استفزّت بقوة مشاعر المُكوِّنات الاجتماعية الأخرى وأهالي العاصمة.
على اية حال.. معظم البرلمانيين بمختلف تلويناتهم رأوا أن مثل تلك التظاهرات ينبغي ان تحصل على رخص رسمية من الجهات المعنية بادئ ذي بدء.. كما انها تعد خطوة خاطئة ستتيح فرصاً لإستغلالها من قبل من ينفذون أجندات (دكاكين المخابرات) فضلا عن أجندات عصابة القاعدة الارهابية.. ناهيك عن عدم توفر إمكانيات كافية لدى الحكومة لحماية المتظاهرين، وبالجانب الآخر ستجد الحكومة نفسها ملزمة بتفريق تلك التظاهرات والدفاع عن نفسها وعن المنشآت العامة والنبى التحتية الحيوية للبلاد إذا ما حدثت اية خروقات خلال التظاهرات يؤججها المندسون من القاعدة والبعث بغية خلق الفتنة وإحداث إقتتال داخلي.
من هنا.. فإن عقلاء القوم وعلماء الدين كافة وممثلي جموع المتظاهرين ملزمون بقطع دابر الفتن عبر إبقاء التظاهرات في مدنها، فضلا عن تجنيب الصلاة غبار المناكفات والخلافات السياسية والاصطراعات الحزبية والفئوية والنأي بها ان تكون صاعقا لتفجير الأزمات، ناهيك عن الاقتتال بين ابناء الشعب الواحد.