بعد الانتفاضة الشعبانية المباركة وتشرفنا بالاعتقال من قبل الطغمة الصدامية وتنقلنا بين العديد من المعتقلات منها امن النجف لمرتين والرضوانية لمرتين والامن العامة لمرتين وسجن المعمل وسجن رقم واحد وشاء الله سبحانه وتعالى لنا النجاة عبر لجان التفتيش للامم المتحدة ولا اريد الاستغراق في هذا الامر خرجنا من المعتقل واتممنا الدراسة الاكاديمية واصبحت العسكرية الالزامية تلاحقنا في فترات قطع الاذن ووسم الجبين وكوننا نعتقد ان الالتحاق بالجيش الصدامي فيه دعم للظالم تهربنا من الالتحاق حتى صدر القرار بدفع البدل النقدي واصدر العفو الصدامي ورجح لنا عقلاء القوم الاقدام على هذه الخطوة وبالفعل كان ذلك.
وخلال فترة الاشهر القليلة في الجيش وفي ليلة لا استطيع ان امسح ذكراها كنت على عادتي متأخر جدا في النوم وفي مكان جانبي مني لا يروني فيه كان يقف ضباط اثنين ويتحدثون واريد ان انقل نص حديثهم في هذا اليوم لانه يرتبط بما طرحوه، الضباط كان احدهم ضابط الاستخبارات العسكرية.
كان حديثهم يدور عن الانتفاضة الشعبانية وكان المتحدث الابرز ضابط الاستخبارات حيث قال:
لقد طلب منا الاستخبارات ان نتنكر بزي رجال الانتفاضة وندخل المدن ونتوجه داخل المدن إلى حرق الدوائر التي ترتبط بامور الناس مثل دائرة الاحوال الشخصية وغيرها.
فقال له الضابط الاخر: ولماذا؟
فاجاب: لكي عندما تنتهي الانتفاضة يبقى الناس يتعذبون في تحصيل اوراقهم الرسمية وهذا سوف يجعلهم لا يتذكرون الانتفاضة بالخير بل يلعنونها.
فسأله الضابط: وكيف تم اعدام الذين تم اعتقالهم؟
فاجاب: لي ابن خالتي كان في المحاويل وكان القرار المتخذ ان من يبكي او تنزل دمعة من عينه على الذين يتم اعدامهم يرمى معهم.
وكان الكرين يقوم بحفر مساحة كبيرة ثم يأتون بالناس وقد شدت ايديهم وعصبت عيونهم ويضعونهم بالحفرة ويطلقون الرصاص عليهم ثم يدفنون مباشرة وبعضهم لم يكن قد مات بعد ويقول لي ابن خالتي في احدى المرات كانت هناك امرأة حامل وقد شدت ايديها وعصبت عيونها وقد انزلت الحفرة مع مجموعة كبيرة من الناس وكانت تبكي وتتوسل قائلة: والله بعد ما اقدر اوكف بس خلوني اقعد دخيلكم.
وهي لا تدري بانها سوف تعدم ولكن ابن خالتي لم يتحمل المنظر فدمعت عينه فشاهده صديقه فاخذه ووضعه بسيارة وهرب به بعيدا لكي لا ينتبه اليه احد ويرمى معهم وخلال هروبهم تم اطلاق الرصاص عليهم وطمروا بالتراب.
مظلوميات ومآسي وقصص بهذا الحجم تعرض لها شعبنا الحبيب وعراقنا الجريح امرأة حامل لا تستطيع المشاركة في الانتفاضة وطلبها الوحيد في الحياة قبل ان تعدم وتطمر ويغيب اثرها عن اهلها وزوجها ان تجلس إلى الارض فاستكثر الظالمين عليها هذا الطلب بل استكثروا دمعة الاسى بحقها.
والله ما زلت بعد هذه السنين ابكيها واندبها واعلم ان قصتها هي غيض من فيض من القصص التي لم توثق وتذهب تدريجيا طي النسيان ولا اسمع صوت مطالب بحقوقهم ويسعى لتوثيق مظلومياتهم غير صوت واحد سخر كل جهوده وامكانياته من اجلهم لانه عاش آلامهم واكتوى بنارهم فلديه اقارب وارحام احدهم عمه الشهيد السعيد آية الله السيد محمد رضا الحكيم والشهيد السعيد السيد مرتضى الحكيم واثنين من اولاده والشهيد السيد احمد محمد جعفر الحكيم والشهيد السيد حسن محمد جعفر الحكيم والشهيد السيد علي الحكيم وآخرين.
وكأن قدر اسرة آل الحكيم المواساة مع الشعب في كل المواطن حتى المقابر الجماعية.
فسلام على شهداء المقابر الجماعية يوم استشهدوا ويوم يبعثون احياء وصبرا يا ابناء المقابر.
اخوكم