وبين مشاعر الاحباط والاستياء التي تعيشها قطاعات وفئات وشرائح اجتماعية عديدة، يمكن ان تدفعها الى عدم المشاركة في الانتخابات، والوعود الكثيرة والكبيرة التي تطلقها الكيانات والقوى المختلفة التي دخلت معترك التنافس الانتخابي، تزداد صورة المشهد الانتخابي غموضا وتداخلا وارتباكا.
وفي هذه السطور نحاول ان نشخص نقاط القوة والضعف لثلاثة من القوى الرئيسية المتنافسة في اطار المكون الشيعي، وهي ائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء نوري المالكي، وائتلاف المواطن بزعامة رئيس المجلس الاعلى الاسلامي العراقي السيد عمار الحكيم، والتيار الصدري بزعامة السيد مقتدى الصدر.
وسنشير بصورة مقتضبة وسريعة الى بعض معالم وملامح المشهد الانتخابي للمكون السني، لنترك الدخول في التفاصيل والجزئيات لورقة تحليليلة اخرى.
ائتلاف دولة القانون
نقاط القوة:
امتلاك الكثير من ادوات السلطة والنفوذ من قبيل:
١. رئاسة الوزراء، الذي يمثل المنصب التنفيذي الاول في الدولة.
٢. قدرات مالية كبيرة تتيح التأثير على فئات وشرائح اجتماعية عديدة منها العشائر-منتسبي الاجهزة الامنية والعسكرية-موظفي الدولة.
٣. صلاحيات وسلطات تتيح اصدار قرارات والقيام بمشاريع من شأنها ان ترفع الرصيد الانتخابي للقائمة بشكل عام او لبعض مكوناتها وشخوصها بشكل خاص.
٤. اغلب الكيانات الشيعية التي تمتلك قواعد جماهيرية وارتباطات خارجية مؤثرة(على صعيد التمويل المالي واللوجيستي والسياسي) انظمت الى ائتلاف دولة القانون، مثل كتائب حزب الله، وحركة اهل الحق(العصائب)، ومنظمة بدر، وتيار الاصلاح الوطني، فضلا عن حزب الدعوة بمختلف عناوينه.
٥. الازمات التي حصلت-او التي افتعلها رئيس الوزراء-خلال الشهور القلائل الماضية مع الاكراد والسنة ساهمت بمقدار معين في رفع رصيده السياسي بالشارع الشيعي.
نقاط الضعف:
١. توالي وتتابع الازمات مع مختلف الاطراف، والعجز عن التوصل الى حلول ومعالجات واقعية وعملية لها.
٢. التقاطع والصدام الواضح مع التيار الصدري وعلى اعلى المستويات.
٣. تذمر واستياء اعداد لايستهان بها من الناس من الاداء الحكومي على الصعيد الخدمي والامني.
٤. وجود مظاهر احتقان وعدم ارتياح في اوساط بعض قيادات حزب الدعوة من تفرد المالكي واستعانته بأشخاص من خارج الاطار الحزبي والاسلامي وتقريبه لهم بشكل كبير على حساب قيادات وكوادر حزبية مخضرمة، والاحتقان موجود لدى علي الاديب وحيدر العبادي واخرين.
التيار الصدري
نقاط القوة:
١. امتلاك سطوة التأثير الجماهيري لدى فئات وشرائح اجتماعية عديدة.
٢. امتلاك التيار الصدري لعدد من الوزارات الخدمية المهمة التي يمكن توظيفها لصالحه مثل وزارة الاسكان والاعمار ووزارة العمل والشؤون الاجتماعية، فضلا عن مواقع متقدمة في بعض الحكومات المحلية بالمحافظات.
٣. الاداء الجيد والمتميز لدى بعض المسؤولين التابعين او المحسوبين على التيار الصدري، مثل محافظ ميسان علي ابراهيم دواي.
٤. وجود بوادر وملامح لعودة الشد والشحن الطائفي من خلال استهداف المناطق الشيعية وابناء المكون ةالشيعي والمساجد والحسينيات من قبل الجماعات الارهابية التكفيرية، قد يتيح للتيار الصدري استعادة بعض البريق الذي فقده من خلال تصديه لتلك الجماعات.
نقاط الضعف:
١. التأريخ السلبي للتيار الصدري وسمعته السيئة بخصوص ضلوعه بالارهاب وترويعه الكثير من الناس في كثير من المناطق التي كان لجيش المهدي نفوذ كبير فيها.
٢. انشقاق بعض التيارات والشخصيات منه مثل عصائب اهل الحق بزعامة الشيخ قيس الخزعلي، والنائب كاظم الصيادي، ناهيك عن توارد تسريبات عن انشقاق اشخاص اخرين.
٣. دخوله الانتخابات منفردا وعدم التحالف مع اي طرف سياسي اخر.
٤. وقوفه مع التظاهرات في الانبار ومحافظات اخرى ودفاعه عن اهل السنة في الوقت الذي ازدادت نبرة الخطاب السني الطائفي ضد الشيعة، وكذلك رفعه علم الجيش السوري الحر في مهرجان يوم المظلوم الذي اقامه بمدينة الكوت قبل عدة اسابيع.
٥. تسريب وتداول معلومات عن تورط شخصيات من التيار الصدري في فساد اداري ومالي واثراء فاحش، مثل بهاء الاعرجي.
٦. عدم وجود رؤية سياسية واضحة للتيار بخصوص قضايا مهمة ومفصلية، بحيث بدا في بعض الاحيان يجامل السنة والاكراد على حساب مصالح المكون الشيعي، بل تعدى اكثر من ذلك الى الانسلاخ من ابجديات المذهب الشيعي في بعض المواقف.
المجلس الاعلى الاسلامي العراقي
نقاط القوة:
١. الرصيد الشعبي والقاعدة الجماهيرية التي يمتلكها السيد عمار الحكيم بأعتباره يمثل امتدادا لاسرة ال الحكيم، فضلا عن تمتعه بالحكمة والذكاء والمرونة والاعتدال.
٢. عدم اشتراك المجلس الاعلى في الحكومة، بحيث انه لايتحمل اليوم تبعات اخفاقاتها وسلبياتها الكثيرة.
٣. كفاءة ونزاهة ونجاح الشخصيات التي تولت مواقع تنفيذية في الدولة في اوقات سابقة، مثل باقر جبر الزبيد، وعبد الحسين عبطان، وعزيز كاظم علوان، وحامد الخضري واخرين.
٤. مقبولية خطاب السيد عمار الحكيم من قبل الجماهير والمكانة المرموقة له في عقول العقلاء من ابناء الشعب العراقي، اضافة الى الفئات التي تشعر بالاهمال والتهميش ,تبحث عمن يرفع صوتها لايصال مظلوميتها والدفاع عنها.
٥. التنظيم من الممكن ان يكون عاملا مؤثرا في اعطاء قدر من القوة في الجانب الانتخابي، واتجاه المجلس الاعلى الى التنظيم يعد عاملا مساعدا لكسب المزيد من الاصوات، فضلا عن تنظيم خارطة تلك الاصوات على المرشحين له.
٦. العلاقة الاستراتيجية بين الاكراد والمجلس الاعلى التي يمكن ان تنعكس ايجابيا على المكون الكردي الفيلي، وانعكاسها بتوفري مساحات ذهنية ايجابية لدى جماهير ذلك المكون في تقبل خطاب ورؤية ومنهج المجلس الاعلى.
٧. عدم دخول المجلس الاعلى في صراعات واصطفافات مع اي طرف ضد طرف اخر.
٨. التناغم في خطاب وتوجه المجلس الاعلي مع توجيها ورؤى المرجعية الدينية التي لها امتدادات شعبية واسعة في الاوساط الشعبية بمحافظات الجنوب والفرات الاوسط.
نقاط الضعف:
١. عدم امتلاك المجلس الاعلى في هذه المرحلة مواقع تنفيذية متقدمة في الدولة تتيح له تقديم الخدمة للناس او اطلاق الوعود التي يمكن للجمهور التعاطي معها بجدية واهتمام.
٢. وجود منافسين اقوياء نوعا ما في الساحة الشيعية مثل ائتلاف دولة القانون والتيار الصدري.
٣. عدم امتلاك معظم مرشحي تيار شهيد المحراب الكارزما المناسبة وفاعلية التحرك في الاوساط الجماهيرية وحسن التعامل مع وسائل الاعلام المختلفة.
٤. انظواء شخصيات وكيانات قد لاتمتلك قاعدة جماهيرية جيدة او ان سمعتها ليست على مايرام مثل حزب المؤتمر الوطني وزعيمه احمد الجلبي، ووزير الداخلية السابق جواد البولاني.
٥. انفصال منظمة بدر عن المجلس الاعلى وانظوائها تحت مظلة ائتلاف دولة القانون.
خارطة المكون السني
ورغم اننا سنخصص للمكون السني ورقة تحليلية مستقلة ، ولكن لاضير هنا من ان نسجل جملة ملاحظات واشارات سريعة بهذا الخصوص:
١. التفكك والتشضي والاختلاف والتقاطع ابرز سمات خارطة المكون السني في هذه المرحلة، واوضح مؤشر على ذلك هو انقسم القائمة العراقية الى ثلاثة قوائم رئيسية لخوض انتخابات مجالس المحافظات، وهي قائمة متحدون بزعامة اسامة النجيفي ورافع العيساوي، وقائمة العراقية العربية بزعامة صالح المطلك وجمال الكربولي، وقائمة ائتلاف العراقي الوطني الموحد بزعامة اياد علاوي، فضلا عن قوائم وشخصيات اخرى ثانوية، ناهيك عن الانقسامات التي حصلت في اوقات سابقة، مثل الكتلة العراقية البيضاء.
٢. الاختلاف في الرؤى والتصورات والمواقف السياسية، ونجاح رئيس الوزراء في اللعب على وتر الخلافات وبالتالي تعميقها، كما هو حاصل بخصوص التظاهرات، وبخصوص تأجيل انتخابات مجالس المحافظات في نينوى والانبار.
٣. الاختلاف بين القوى الاقليمية الراعية والداعمة للمكون السني في العراق، وهي قطر وتركيا والسعودية، فضلا عن ارتباط الاوضاع في العراق بمقدار معين بمجريات الاحداث على الساحة السورية.
نسب متوقعة:
مجمل القراءات الاستشرافية تذهب الى ان ائتلاف دولة القانون سيحصد المركز الاول في المجموع العام، ولكن تختلف تلك القراءات في تصور نسبة الفوز، والاقرب الى الواقع هي انه سيحصل على مابين ٢٠-٢٥% من مجموع مقاعد مجالس المحافظات، اي ان وضعه اما سيبقى على ماهو عليه او يتحسن كثيرا مقارنة بالواقع الحالي.
ائتلاف المواطن سيأتي بالمركز الثاني، ومن المتوقع ان يحصل على نسبة (١٥-٢٠%) من مجموع المقاعد، اي ان وضعه سيتحسن قليلا.
ائتلاف التيار الصدري اما سيحافظ على وضعه او يتراجع قليلا، والنسبة المتوقعة له مابين ١٠-١٢%.
القوى والتيارات العلمانية-الليبرالية ستحصد بمجموعها في المدن الشيعية والسنية ٢٠%.
القوى السنية في حال تم تأجيل الانتخابات في نينوى والانبار فأنها ستتنافس في المدن المختلطة (بغداد وديالى وبابل وصلاح الدين)، لذلك فأن نسبها ستكون قليلة، لان وجودها الحقيقي هو في نينوى والانبار. وهذا يعني ان حجمها الحقيقي لن يتضح الا بعد اجراء الانتخابات في هاتين المحافظتين.
ملاحظات مهمة:
١. بما ان خارطة التحالفات الانتخابية قد تغيرت فهذا لايعني بالضرورة ان القائمة التي تحقق فوزا في محافظة ما او فوزا عاما، ان كل مكون من مكوناتها سيحقق الفوز، فربما البعض يصعد والاخر يهبط.
٢. لايمكن لاي قائمة ان تحقق اغلبية مطلقة تتيح لها اغلبية مريحة في اية محافظة تتيح لها الاستفراد بالمواقع الاساسية (المحافظ ورئيس مجلس المحافظة).
٣. لن تجرى الانتخابات في اقليم كردستان، بيد ان المكون الكردي سيخوض الانتخابات في بعض المحافظات(واسط-ديالى-بغداد-صلاح الدين) بقائمة ائتلافية هي قائمة التأخي والتعايش تضم الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني وحركة التغيير والحركة الاسلامية الكردية.
٤. بقدر ماتعد تحالفات قبل الانتخابات مهمة، فأن تحالفات مابعد الانتخابات لاتقل اهمية عنها ان لم تفوقها، لانها سترسم وتحدد مساحات النفوذ والتأثير في المفاصل التنفيذية والتشريعية في الحكومات المحلية.
٥. مجمل المؤشرات والارقام تذهب الى ان التيار الاسلامي بمختلف عناوينه سيحافظ على مواقعه ونسبه في كل المحافظات تقريبا، وذلك ارتباطا بتصاعد الشد الطائفي وتراجع الحضور للتيارات الليبرالية-العلمانية.
التحليل السياسي الاسبوعي : اعداد قسم الدراسات والبحوث في مؤسسة وطنيون الاعلامية