حلم لدى الجميع يزرع منذ الطولة , يبدأ من الابوين والمقربين بتكرار السؤال على الاطفال ما هو مستقبلك , ودائما نحو القمة وحسب ميولات الأباء ووظائفهم , فيقولون ( طبيب مهندس محامي ضابط ) , شهادة لا يحصل عليها الطالب بسهولة في مكابدة العيش لدى الكثير وتأثير الطالب على ميزانية العائلة لمجتمع كثير الإنجاب , غلاء الملابس والمسلتزمات والمصادر ووسائل النقل , طلاب وطالبات قد يسافرون من محافظات بعيدة ويسكنون الأقسام الداخلية بصعوبتها وأشدها قسوة على الذكور لصعوبة غسل الملابس وطبخ الطعام , شباب يحلمون بالدخول بالجو الجامعي ليعيش احدهم الأختلاط بين الشباب والشابات ومظهر اجتماعي مدعاة للتفاخر بين العوائل , خريج الجامعة كان ينظره المجتمع بأنه مثقف بينما الجامعة لا تعطي الاّ المعلومات الاكاديمية والأختصاص وإكتساب الخبرات من الأساتذة والأختلاط بالثقافات المختلفة لتنتج نوع من التجربة , ويدفع للوعي بأهمية الثقافة .
في معظم دول العالم لا يفكر الشاب بالحصول على الشهادة الجامعية لغرض العمل نتيجة قلة البطالة وتوفرها , وفي ثمانينات القرن الماضي لم يكن للشهادة شرط في التعيين ومعظم الموظفين لا يملكوها لصعوبة الحصول عليها ورغم ذلك كانت في العراق نهضة وتطور في مجال الصناعة والزراعة والأبحاث والخريج يعيش نوع من الترف ويشار بالبنان لتلك العائلة , اليوم الشهادة اصبحت شرط التعين في أزمة العمل حتى في القطاع الخاص وتكون المفاضلة أحياناً للأختصاص , الشهادة لدى الكثير مجرد زينة وثقل على صاحبها وندم عند الأخر لعدم إمتهان عمل ثابت, فتشغله بين البحث عن عمل والبحث عن التوظيف حسب الأختصاص, الوساطة والمحاصصة حطت من قيمة الشهادة وفقد التكنوقراط دورهم بتعين مادونهم لأدارتهم او إمتهانهم وتعينهم بأختصاص مختلف .
المشكلة أكبر بالنسبة للنساء حينما تركن الشهادة وتصبح ربة بيت وتنقطع عن العالم لتنتظر الزواج ولم يتحقق الحلم بضمان مستقبل مع شريك من أختيارها دون فرض التقاليد والأجبار على زواج الأقارب او التخلص منها بأي وسيلة للزواج , بينما كانت العوائل تطلب المهر العالي والأهتمام والأهتمام الخاص كأمتلاك الزوج البيت والسيارة وشرط كثيرة, حاملات الشهادات العليا ومثابرة للحصول عليها بالأعتقاد إنها باب المستقبل لتفني عمرها عليها , لتصاب بالزهو والغرور ليرتفع نظرها للأعلى حتى تنكسر رقبتها , وتدور في دوامة الخيارات حتى ( يفوقتها القطار ) , وخاصة في العوائل المترفة يبحثون عن طبقة برجوازية وتجد البيوت الفارهة والجدران الصامتة أخ وأخت كبار السن عزاب , بالعكس من المناطق الفقيرة حينما يفتح الباب وكأنه مدرسة تخرج من بيت ١٠٠ متر ٥٠ طفل لخمسة أخوة في نفس البيت , ونتيجة لظروف الحروب وضحايا الأرهاب وأزمات البطالة والسكن أرتفع عدد الأرامل وحالات الطلاق وعزوف الشاب عن الزواج وأنتشار العنوسة وعدم الزواج لدى معظم حاملي الشهادات الجامعية .
توسع فرص الدراسة الخاصة وكليات في معظم المحافظات ووجود الزمالات الدراسية والدراسة على نفقة الدولة او الخاصة خارج البلاد ولد جيوش من الخريجين , وأفقد الحصول على الشهادة المعايير العلمية والثقافية لدى الطالب بالحصول على البحوث من مكاتب الأنترنيت والأستنساخ , وأوجد خلل في البنية الأجتماعية والثقافية , فهي عقدة حينما يشعر الفرد أنه مغبون بالمجتمع وحينما يتساوى المجد مع المتكاسل , وصدمة لمن يعتقد إنه يستطيع تقديم الأفضل والابداع في الحياة , بينما أصبحت مظهر إجتماعي يحاول الحاصل عليها تقديم شكواه للمجتمع كلما جلس أحد بجانبه في ( مسطر العمالة ) او في سيارته التكسي ليثبت إنه خريج , لتذوب معلوماته الاكاديمية بمرور الأيام وطبيعة العمل الجديد له وينتهي الحلم ليصطدم بالواقع ويبقى يعتقد إن الشهادة الجامعية ضرورة ربما يأتي يومها ؟!