فلعب دوراً مهماً في توحيد صفوف الشعب مذهبياً وقوميا، وتعلم اللغات، والتعرف على جغرافية البلاد وطبائع سكانها، وتوفير فرص عمل. لكن تقويم التجنيد الالزامي ينطلق اساساً من كونه يعكس الفلسفة الامنية للبلاد.. والتي تطورت اليوم مع تطور الاسلحة والتقنيات، دون الغاء العامل البشري كلياً وضروراته في فترات قصيرة نسبياً في السلم والحرب.
ورغم تلك الفوائد فهناك اضرار واضحة في نظام التجنيد الالزامي، دفعت البلاد ثمنها.. فتصوير التجنيد كبديل لامتصاص البطالة هو ادانة للنظام الاقتصادي، المسؤول عن توفير العمالة.. على العكس يمتص التجنيد الالزامي اموالاً باهظة يمكن ان تصرف بتطوير مهنية القوات.. وعصرنة تسلحها.. اضافة لاستثمارها في المجالات الخدمية والاقتصادية. والاخطر من ذلك ما يشيعه النظام من عسكرة للمجتمع..بسبب فترات التجنيد الطويلة وعسكرة المدنيين.. وتحول القوات المسلحة الى المنظمة الاكثر تنظيماً وقوة وأماناً.. والقادرة على الانقلاب واستلام السلطة. وهو ما دفع للاتجاهات التي سارت عليها البلاد طوال العقود الماضية.
ولعل البديل هو قانون يدعو الشباب من الذكور والاناث منذ سن مبكرة للانخراط في دورات "للتعبئة والاحتياط"، بحيث لا ينتهي عمرهم التعليمي الاعدادي او الجامعي او اي مستوى اخر، الا ويكونوا قد انجزوا تلك الدورات.. فهذا انسب لنظرية امنية تعتمد على المهنية والقوات المتخصصة التي ستحتاج الى قوى داعمة يمكن ان تدعى اليها، عند الحاجة، افواج "التعبئة والاحتياط" المدني المدربة.. فلا تتحمل الخزينة النفقات الباهظة.. وتستطيع ان تستثمر موازناتها لتطوير مستوى القوات مهنياً وتسليحياً والبلاد عموماً.. فاذا كان هذا مناسباً للنظرية الامنية والعسكرية، فانه يناسب اكثر الاهداف التعبوية الاخرى. فساعات اضافية للتدريب قريباً من مواقع الدراسة او العمل.. واسابيع قليلة خلال العطل يمكن ان تعبىء امة كاملة ليس على فنون القتال فقط.. بل، أيضاً، على مختلف الحقول التمريضية والوقائية والصحية والهندسية والعلوم الطبيعية والمواصلات والاتصالات وانواع مختلفة من الحرف والاعمال. فتنتقل مدنية المجتمع للقوات المسلحة.. ليقابلها تزود الشباب والشابات بثقافة الالتزام والانضباط وروح التضحية والخدمة العامة.. التي تجري تحت عنوان"التعبئة والاحتياط" بدل "الخدمة الالزامية".