بدأت الدماء تسيل في شوارع إسطنبول وعدة مدن تركية أخرى ، هكذا هي الصورة التي لم تنقلها قنوات التضليل ، بينما كانت المواجهات بين المتظاهرين الأتراك وقوات الأمن التركية تصل إلى ذروتها، ومع محاولة قوات الأمن التركية فض التظاهرات بالقوة كانت؛ وكالات الأنباء العالمية تتحدث عن أربعة قتلى على الأقل ومئات الجرحى، والحرائق تنتشر في مناطق عديدة حول ساحة تقسيم التركية، التي تعتبر الجزء الأوروبي كما يحلو للبعض تسميته في تركيا وعلى الرغم من الحشود الكبيرة التي انتفضت في وجه حكومة أردوغان كانت المحطات العربية بشكل عام بعيدة عن التغطية لانشغالها بمزيد من التحريض المذهبي والطائفي في سورية والعراق والبحرين. هكذا تعامل الإعلام مع ما يجري في تركيا والأن لابد لنا من القول بأن ما يجري اليوم على الساحة التركية هو إنتفاضة شعبية في وجه طاغية إخواني ورط شعبه بحرب لا طائل لها، استقدم كل قطاع الطرق والمجرمين وأمن لهم كل أشكال الدعم لغاية واحدة ألا وهي إقامة الدولة الإخوانية، بعد أن كان يتباهى بأنه صاحب سياسة الصفر مشاكل تحول إلى مبدأ الصفر أصدقاء، ظهر مذيع في أحدى الفضائيات يضع واقي من قنابل الغاز ليطالب أردوغان بوقف العنف ضد المتظاهرين وعلى الرغم من ذلك التزم المجتمع الدولي الصمت وهذا غير مستغرب لأن الكل يلتزم سياسة الكيل بمكيالين. ما يجري اليوم من تظاهرات محقة للشعب التركي تثبت للعالم أجمع بأن حكومة أردوغان ما هي إلا حكومة ساقطة شعبيا، لقد إنتحر أردوغان على أسوار الفتن الطائفية، سواء كان جسر "السلطان سليم الاول" العثماني على البوسفور الذي يفصل تركيا الاوروبية عن تلك الأسيوية، أو بمحاولته تحويل حديقة في ميدان تقسيم الشهير الى مجمع تجاري. هو من إستفز الشعب التركي وأشعل شرارة "الإنتفاضة" الجماهيرية في بلاد نظام الأتاتوركية العلمانية. هو من تسبب في اطلاق صفارة "انتفاضة" تركيا العاصفة على سياسة "التنمية" العولمية لحزب العدالة والتنمية، فإن القدر المتيقن مما حصل والمرجح أن يستمر باتجاه المجهول إن ما كانت تروج له حكومة العثمانية الجديدة لجاراتها من الدول من سيناريوهات تقسيمية طائفية قد إنتقل الى قلب ميدان "تقسيم" الإسطنبولي، والقادم أخطر كما يقول الراسخون بعلم الإنتفاضات والحراكات الشعبية !
الشعارات الأولية التي وصلت الى أسماع المتابعين لأصوات المتظاهرين كانت تفيد بإتهام شرطة أردوغان بالفاشية وحزبه بالإستبداد والديكتاتورية !
وبيت القصيد فما يؤمن به غولين ويشدد عليه هو أمران الأول: وهو ضرورة الفصل بين الدين والسياسة في الحياة الإجتماعية والسياسية !
والثاني: تحدثوا عن فلسطين وغير فلسطين ما شئتم ولكن إياكم ثم إياكم الإقتراب من "مشروعية" مسألة الكيان الإسرائيلي أو المس بها على الإطلاق
وأردوغان هذا قد أثبت في السلوك الشخصي كما في الممارسة السياسية بانه ليس لديه هاجس إثبات ما يخالف ذلك ابدا!
العكس تماما فهو يفخر بانه "إسلامي" من نوع خاص ومتميز عن سائر إسلاميي الحركات السياسية الإسلامية وأنه "علماني" في رؤيته الإسلامية هذه كما ظهر بوضوح في دعوته للمصريين،
بينما يحرص الإسلاميون الحقيقيون على فلسفة مقولة التقدم "والتي فيها مبدأ للحركة معلوم ونهاية للحركة معلومة وهي البدء من حيث نحن كبشر والإنطلاق باتجاه محاولة الوصول الى الله" عملا بالاية القرانية التي تقول: "يا ايها الانسان انك كادح الى ربك كدحا فملاقيه .