صار يرددها بلكنة فارسية وبطريقة كأنه "كوكوش" تتغزل بحبيبها. ما اجمل ثقل الطاء لتصبح تاء على لسانه حين يقولها "غترسة". ظل يرددها بإعجاب متحدثا عن وقعها القوي الذي يجسد معناها وهو يقلد حركات المتغطرسين. ولأني نجحت في مساعدته منحت نفسي حق ان أسأله: ولماذا كل هذا الاهتمام؟ أجابني انها ستكون عنوان مقالته الجديدة حول صدام وفكرتها ان "غطرسته" هي التي ستسقطه. وفي يوم سقوط الصنم جاءني مهنئا مبتسما وهو يقول: الم اقل "غترسة".
تذكرت ما دار بيني وبين طاهري وانا أتابع، يوم السبت الفائت، لقاء تلفزيونيا مع صديقي الكاتب والسياسي المصري مصطفى الفقّي. كان واضحا وجريئا في مخاطبة الرئيس مرسي الذي ستشهد بلاده تظاهرات تدعو "للتمرد" في الثلاثين من هذا الشهر. قال له: "هات حكومة قوية تستعين بها فى ظل تدهور الأوضاع الأمنية والسياسية والاقتصادية وبلاش الغطرسة فى الحكم. التاريخ لن يرحم أحدا ... احتضن الشعب المصرى وكن أبا لكل المصريين".
كم وددت ان اجد طريقا، في لحظتها، للاتصال بطاهري كي اخبره ان "الغطرسة" التي اسقطت صدام، لم تسقط بل خلّفها للذين أتوا من بعده فتوارثوها وزادوا عليها من عندياتهم املاحا وبهارات وتوابل من قبيل: سعادة، ودولة، ومعالي، وهم لا يعرفون، اصلا، معنى السعادة ولا الدولة ولا العلوّ. فخفخة على الفاضي مثلما تجدهم مشغولين بالايفادات على الفاضي أيضا.
التقيت وزيرا عراقيا يتغزل بالمالكي بما فاق قيس ابن الملوح بليلاه. رن هاتفه فرفعه بطريقة طاووسية ليجيب: نعم معالي الوزير معاكم تفضلوا! ياكل ويكل النفسه عوافي. ذكرني بصديق في ايام المتوسطة ارتحل أهله عن مدينتنا فكتب لي رسالة ذيلها بعبارة "صديقك فلان الفلاني المحترم"! تلك جعلتني ابتسم لانها كانت براءة وليست غطرسة. اما جناب الوزير فرده، رغم انه اضحكني، لكنه كاد أن يبكيني على حظ العراق وأهله.
سأل احدهم على الانترنت عن معنى كلمة "غطرسة" فاجابه مصري "هي شخص ماخذ في نفسه مقلب". فأي منقلب سينقلبون؟