المقدمة:
قبل بحث الوضع الحالي لانتخابات مجالس المحافظات لا بد من العودة الى خلفيات المسار الانتخابي وما تخلله من تطورات، كانت القوى الرئيسية المتنافسة ائتلاف دولة القانون وائتلاف المواطن وائتلاف الاحرار (التيار الصدري ) والائتلافات التي تمثل المكون السني يقف على راسها ( العراقية العربية) و (متحدون ) وكان كل من المواطن والاحرار يعتمد على رصيده السابق في تحركه الانتخابي بينما يعتمد ائتلاف دولة القانون على ماكنة اعلام الحكومة ونفوذه في السلطة والضرب على الوتر الطائفي , اما الكتل التي تمثل المكون السني فتعتمد بالدرجة الاولى على الانحياز الطائفي والتصدي للمطالبة بحقوق السنة والمعتقلين ودعم تظاهرات المناطق الغربية .
أئتلاف المواطن استند في ادارته للشأن الانتخابي على حملته الاعلامية المتميزة التي تناولت اعادة تعريف مشاكل المحافظات، وشرح الصلاحيات المتاحة لمجالس المحافظات، واعداد برنامج انتخابي لكل محافظة، والحضور الميداني لقائد الائتلاف السيد عمار الحكيم في كافة المناطق وهو امتداد لحضورة المستمر في المحافظات خارج الاجواء الانتخابية، وجولات الشخصيات القيادية في المحافظات، وحضور المرشحين في اوساط جمهورهم . وقد واجهت انتخابات مجالس المحافظات عزوفا نسبيا فلم تتجاوز نسبة المشاركة فيها ٥٠% وعد المراقبون هذا التراجع احتجاجا رمزيا من المواطن على الاوضاع السيئة امنيا وخدميا وسياسيا ، الا ان ماحصل عليه ائتلاف المواطن بالمقارنة مع انتخابات سنة ٢٠٠٩ يعد مفاجأة الانتخابات، حيث ضاعف عدد مقاعده في عموم البلاد ، ولم يأت ذلك الصعود اعتباطا بل كان ثمرة لعمل تنظيمي مستمر، في مقابل ذلك الصعود، وجدنا تراجعا واضحا لائتلاف دولة القانون، وان بقي متصدرا قائمة الفائزين، في ذات الوقت فأن التيار الصدري حقق تقدما ملموسا مقارنة بانتخابات مجالس المحافظات السابقة، اما الكيانات الصغيرة فقد اتاح نظام (سانت ليغو) لتوزيع المقاعد للبعض منها فرصا للحصول على موطيء في مجالس المحافظات الجديدة , وكل ذلك يعني ان خارطة مابعد انتخابات ٢٠ نيسان ٢٠١٣ ستكون مختلفة عما قبلها.
فرص نجاح التحالف بين ائتلافي المواطن والأحرار
قبل الانتخابات كانت القوى السياسية تسعى الى ابرام تحالفات تقليدية لخوضها، وان كان الكثير من المختصين يرى ان التحالفات في الانتخابات المحلية هو اجراء غير ضروري كون السجال الانتخابي يدور في محيط اجتماعي من لون واحد ، مع ذلك حاول ائتلاف المواطن التحالف مع ائتلاف دولة القانون الا ان الطرفين لم يحققا اتفاقا على الشروط المطلوبة، واسفرت الانتخابات عن حصول ائتلاف المواطن على ٦١ مقعدا تطورت بانضمامات لاحقة الى ٩٤ مقعدا فيما حصل ائتلاف دولة القانون على ١٠٧ مقاعد، وحصل التيار الصدري على ٥٣ مقعدا ، لكن عند تفكيك التحالفات الى احزابها الاساسية يتضح الثقل الحقيقي للاحزاب منفردة، وهو تعبير ادق عن نفوذ كل حركة سياسية، وبناء على هذا التفكيك اتضح ان المجلس الاعلى يتصدر قائمة الاحزاب الفائزة وحسب الجدول الآتي :
الحزب عدد المقاعد
١- المجلس الاعلى ٥٨
٢- التيار الصدري ٥٣
٣- حزب الدعوة الاسلامية ٣٢
٤- منظمة بدر ٢٠
٥- حزب الفضيلة ٢٠
٦- القائمة العراقية /علاوي ١٥
٧- مستقلون/ الشهرستاني ١٥
٨- متحدون/ النجيفي ١٤
٩- الاصلاح الوطني ١١
١٠- العراقية / قتيبة الجبوري ٨
١١- الدعوة- تنظيم العراق ٨
١٢- العراقية العربية/ صالح المطلك ٥
وهذا يعني تحولا ملحوظا ، من خلال تقدم بعض الاحزاب وتأخر بعضها عما كانت عليه ، وبذلك اصبح المجلس الاعلى هو القوة الأكبر في المحافظات المشمولة بالانتخابات يليه التيار الصدري ثم حزب الدعوة وبعده كل من منظمة بدر وحزب الفضيلة المتساويين، والعراقية مع "مستقلون" المتساويين ايضا وهكذا ... ولا يمكن اغفال هذه الارقام في اي تحالفات تجري بين القوى الفائزة لتشكيل مجالس المحافظات، ومرة أخرى اتجهت الانظار الى صاحب الثقل الأكبر اي المجلس الاعلى ، فاكد المجلس ان رؤيته هي الانتقال من مرحلة التنافس مع القوى المختلفة الى مرحلة التعاون ، والخروج بمجالس محافظات ذات فرق عمل منسجمة ومتكاملة ، مؤكدا ان عناصر النجاح في المحافظات تتمثل بالموازنة الكافية، والبرنامج المحكم ، والفريق المنسجم ، وتوفر وضع امني جيد ، وان العبرة والتفوق ليس بعدد المحافظات التي يحصل عليها اي طرف سياسي بل العبرة في مقدار ما يحققه من نجاح في ادارتها وان كانت محافظة واحدة . كما رفض ائتلاف المواطن في رؤيته وخطابه الاعلامي اعتماد طريقة سلبية في التحالف لتشكيل مجالس المحافظات بالشكل الذي يؤدي الى التحالف مع طرف لاضعاف طرف آخر، داعيا الى تكوين كتلة تحالفات تضم القوى الكبيرة القادرة على العمل والتي أما ان توفر فرصا للنجاح او انها لا تعيق فرص النجاح ان تحققت ، بعدها اعلن ائتلاف المواطن انه يتحالف مع دولة القانون ويفتح ابواب التفاهم مع ائتلاف الاحرار ، لكنه هدد بأن يواجه بالنقض المقابل كل من ينقض الاتفاق ، وترتبط دولة القانون ومكوناتها ارتباطا وثيقا مع المجلس الاعلى بتأريخ مشترك ، وتشابه في الرؤية السياسية ، ومستوى النضج والنظر الى الملفات الوطنية المختلفة ، كما ترتبط الكتلتان مع التيار الصدري بوحدة التوجه ووحدة الساحة الشعبية والفهم المشترك لما تعانيه المحافظات ، الا ان هذه العناصر الايجابية يجب ان لا تؤدي الى اهمال الحقائق الرقمية التي اسفرت عنها الانتخابات ، وما يترتب عليها من استحقاق مع قدر كاف من المرونة والتوافقات ، ولا بد من التذكير بأن القوى الحالية تحالفت سابقا بعد انتخابات ٢٠٠٩ وانشغلت كثيرا بامتيازاتها وقد ادى اسلوبها في العمل الفردي الى ابعاد المجلس الاعلى عن دوره واستحقاقه في خدمة المواطن ، فلم يحصل تيار شهيد المحراب في تلك الدورة الا على ٣ رؤساء مجالس ونائبين لمحافظين في عموم البلاد ، وعلى هذه الخلفية اصبح المتراجعون في الانتخابات الحالية يتصورون ان ائتلاف المواطن سيتعامل معهم بعقلية ثأرية ، الا انه أعلن طريقته في تكوين تحالف جماعي تضمن التعاون وليس التنافس والتكامل وليس التناقض ، لذا قرر التواصل مع الاطراف الكبيرة لانجاز تشكيل المجالس في اسرع اجراءات ممكنة.
ما حققه تحالف ائتلافي المواطن والاحرار حتى الآن
هناك توقعات متفائلة بشأن التحالف بين المواطن والاحرار لانه تحالف يضمن توزيع المواقع في مجالس المحافظات على اساس مهني ومتوازن ، فكلا الائتلافين يمتلك تجربة جيدة في مجال التنظيم الميداني ، وادارة المقرات المحلية ، والحضور في المناطق المحرومة واطراف المدن ، وعدم وجود حالة نخبوية في تنظيمات الطرفين ، وقد حقق هذا التحالف اولى حالات النجاح وهي :
١. تولي ادارة مدينة البصرة من قبل ائتلاف المواطن والتي هي العاصمة الاقتصادية للعراق وهي بحاجة الى جهد استثنائي لكي تأخذ دورها كمنفذ بحري نفطي تجاري سياحي استثماري ولموقعها اهمية استراتيجية وثقافية معروفة ويمكنها ان تتحول الى واحدة من حواضر الخليج العالمية المرموقة ، وقد اعد ائتلاف المواطن برنامجا طموحا لهذه المحافظة ، وسبق ان خصها بمبادرة مقترح تسميتها عاصمة اقتصادية للعراق وشمولها بمخصصات البترودولار.
٢. تولي تيار ائتلاف الاحرار ادارة العاصمة بغداد في تغيير يضمن تجريب فريق جديد في ادارة العاصمة لاهميتها الاستثنائية ، واعادة الثقة الى هذا التيار من خلال اداءه لملفات خدمية تهم المواطن يشكل مباشر . وتوسيع فرصه مقابل مشروع التحالف الأول الذي يمنحه الفرصة في محافظة واحدة ، خاصة وان هذا التيار عانى لمدة طويلة من التصاق الصفة المليشياوية به ، والحساسية تجاه مؤسسة المرجعية .
٣. اثمر هذا التحالف عن اشراك ائتلاف متحدون في ادارة العاصمة حيث تولوا رئاسة مجلس بغداد وهو اجراء يؤكد الصفة الجامعة لبغداد بمكوناتها ، ويزيل كثيرا من المخاوف الطائفية ويجعل طيفا واسعا سياسيا ومذهبيا يشترك في ادارة العاصمة ، ويشعر بالاطمئنان الذي يسهم في اصلاح الوضع الأمني .
٤. اتاحة الفرصة لتجريب قوى كانت تعد معارضة وليس لها ثقل ملحوظ في ادارة المحافظات السابقة كي تتصدى وتختبر قدرتها في تقديم اداء افضل ، خاصة وان هناك احباطا في الوسط الشعبي من عدم وجود تطور ملحوظ في المحافظات في الدورة السابقة واستمرار هذا الاحباط يدفع بالشارع الى مزيد من الانكفاء وعدم المشاركة في الانتخابات النيابية المقبلة .
الآثار السلبية لفشل تحالف ائتلافي المواطن ودولة القانون
يفسر تحالف ائتلاف المواطن والاحرار على انه محاولة لاعادة كفة الميزان مع ائتلاف دولة القانون اي ١٢٠ مقعدا مقابل ١٠٧ الا ان عمل مجالس المحافظات الجديدة في ظل هذا التغيير اصبح مهمة صعبة ، فمع الايجابيات الواضحة لتحالف ائتلاف المواطن مع الاحرار ، فان عمل ائتلاف دولة القانون لوحده سيشكل خللا في مسار تشكيل المجالس وادارتها ويقلل فرصة ظهور برنامج وطني متماسك في المحافظات ، فالمعروف ان مجالس المحافظات لا يمكنها ان تضمن النجاح الا بتنفيذ خطة تنمية وطنية ، والتنمية مخطط شامل يجب ان يكون فيه دور لجميع القوى ، كما ان ابتعاد قوة سياسية هي دولة القانون التي تمتلك ١٠٧ مقاعد عن التنسيق الفعال مع القوى الأخرى يعد خسارة جسيمة اذا استمرت العلاقة بين الاطراف على هذه الوتيرة ، خاصة وان مقاعد دولة القانون موزعة على حلفاء اقوياء بشكل يؤدي في النهاية الى اضعاف القطب الجامع وهو حزب الدعوة الاسلامية العريق الذي لا يتجاوز حجمه الانتخابي مع هؤلاء الشركاء الكبار سوى ٣٢ مقعدا ، اضافة الى كون ائتلاف دولة القانون يعد الائتلاف الحاكم في اطار التحالف الوطني ، ويتحكم بامكانيات هائلة سياسيا واقتصاديا وامنيا ، وما زال يمتلك القرار التنفيذي في البلاد وله تأثير مباشر على مجالس المحافظات وقراراتها وبرامجها المختلفة وموازناتها المالية ، لذا يفترض ان يعاد النظر من قبل الجميع بالتحالفات القائمة وتصحيح هذا الخلل ، ولا بد من الاشارة الى ان التجربة السابقة في ادارة الحكومة الاتحادية او ادارة مجالس المحافظات اثبتت ان اي طرف لا يمكنه ان يقوم بمفرده بادارة البلد ، او حتى ادارة محافظة واحدة ، وهناك ادلة متكررة على خطأ هذا المنحى ، بل ان الوضع السيء الذي يعيشه العراق الآن بما فيه من تدهور أمني واقتصادي وانتشار للفساد والفوضى والفقر والبطالة وهدر الموارد ، هو نتيجة طبيعية لضعف العمل الجماعي والشراكة الحقيقية ، ومحاولة بعض السلطات الزحف على صلاحيات سلطات أخرى ، ووجود تنافس على المكاسب وليس تنافسا على الخدمة ، مما يؤدي الى فقدان التوازن الذي يعقبه تراجع شامل يتضرر منه الجميع ، المشكلة ان بعض الأحزاب والاشخاص واقعون تحت تأثير تصور خاطئ ومتواصل وهو ان المسيرة الحالية مسيرة كسب فردي او حزبي ويجب ان يفوز بلذتها الجسور ، بينما عملية بناء الدولة العصرية العادلة لا يمكن ان تتم في ظل هذا التصور وتلك العقلية، كما ان الخسارة الوطنية الناتجة عن هذا التصور هي خسارة شاملة لا يوجد فيها رابح قط ، حتى الذين يظهرون وكأنهم رابحون هم في الحقيقة اول الخاسرين .
فرص نجاح مجالس المحافظات الجديدة
يتوقف نجاح مجالس المحافظات على عدد من العوامل اهمها :
١. يجب تشكيل مجلس محافظة متماسك سياسيا ، تكون العلاقة بين ممثلي الكيانات السياسية في داخله علاقة تعاون وليس تنافس او تناحر ، فبدل ان يسعى كل طرف الى افشال الآخر يجب ان يسعى كل طرف لتحقيق نجاح مشترك .
٢. يجب ان يجري التركيز على الكفاءة والنزاهة والتخصص في تعيين الملاكات التنفيذية التي يقرها مجلس المحافظة وعدم اخضاع هذه المواقع الى المحاصصة الحزبية ومواجهة المحسوبية في اختيار العاملين .
٣. مواجهة الفساد في انفاق الاموال وفرض رقابة شديدة على الانفاق ، ورقابة على المشاريع من مرحلة احالة المشروع وكفاءة الجهات المنفذة ، الى مراعاة السقوف الزمنية في الانجاز ، ثم نوعية التنفيذ واخضاعه لمعايير علمية والمحاسبة على ضوءها .
٤. وضع برنامج عمل تنفيذي مبوب للمحافظة مع سقوف زمنية لتنفيذه والاتفاق داخل مجلس المحافظة على رفض اي عمل عشوائي يجري بلا خطة ولا مصادقة .
٥. يجب على الجهة التي ينتمي اليها المحافظ الزامه ببرنامج العمل وفرض رقابة صارمة على عمله ومدى التزامه بالسقوف الزمنية ونوعية التنفيذ ، فان فشل في اداء مهمته في مدة معينة يتم تحديدها يعفى من منصبه ويكلف شخص آخر بشغل موقعه .
٦. مواجهة المشاكل الكبرى التي يعاني منها الاهالي ، والقيام باحصاء دقيق لنوع المشاكل وحجمها كأزمة الكهرباء وازمة السكن والفقر والبطالة والفساد وتوقف الاعمار والاستثمار وغيرها من المشاكل لكي يوضع برنامج المحافظة على ضوءها .
٧. يجب على مجلس المحافظة اجراء استبيان ميداني ودراسات في اوساط الاهالي لمعرفة انطباعاتهم حول اداءه كجزء من العمل الرقابي، وقراءة ميدانية لما يريده الناس وماتحقق منه ، وتسجيل نوعية الاعتراضات التي يبدونها ، ويمكن اجراء هذه الدراسات الميدانية قبل الانتخابات العامة في حال السعي لمعرفة مدى رغبة الجمهور بالمشاركة فيها ، او اجراءها في منتصف دورة المجالس الحالية لمعرفة مستوى النجاح المتحقق .
٨. اشاعة ثقافة ان مجالس المحافظات هي للخدمة وليس لاقتسام النفوذ السياسي وتعميق هذه الثقافة في اوساط الاعضاء والجمهور ، وتعميم نموذج عضو مجلس المحافظة المتواضع الذي له حضور متواصل في الاحياء والاسواق والمساجد ومراكز الخدمة وان يكون لديه تماس مستمر مع الناس ويستقبلهم ويستمع الى همومهم ويسعى في حلها .
٩. تعميم ثقافة الاستقالة بين اعضاء مجالس المحافظات وحث كل من يشعر انه اخفق في عمله على الاستقالة والاعتراف بالفشل بشجاعة.
استنتاجات ومعطيات:
لا يمكن فصل نتائج انتخابات مجالس المحافظات لسنة ٢٠١٣ عن بناء المشهد الانتخابي والسياسي المقبل في سنة ٢٠١٤ ، فقد اسفرت هذه الانتخابات عن صعود قوى وهبوط قوى اخرى ، الى جانب ظاهرة تدني مستوى المشاركة في الانتخابات ، وكلا الظاهرتين جديرتان بالتحليل، فمن ناحية صعود قوى جديدة.
يبدو المجلس الاعلى الاسلامي العراقي الذي خاض الانتخابات مع حلفاءه بأسم ائتلاف المواطن هو المفردة الاكثر بروزا في هذه الانتخابات فيما تراجع تحالف السلطة التقليدي عن موقعه السابق ، الامر الذي يؤشر الى رغبة الناخب في استبدال القوى السياسية التي لم تفلح في ادارة المحافظات في الدورة الماضية ، ولم يلمس الاهالي هناك تحسنا ملموسا في عيشهم او الخدمات التي تقدم لهم ، اضافة الى انتشار الفساد واتساعه بدل تضييق رقعته ووضع معالجات جادة له ، ويعد صعود المجلس الاعلى ومضاعفته لمقاعده مؤشرا على ميل الجمهور نحوه وتعليق الامل عليه لتحقيق ما عجز عنه الآخرون.
ان هذه الانتخابات اسفرت عن تحالف جديد لم يكن في الحسبان بين ائتلافي المواطن والاحرار ، هذه التحولات تسهم في تهيئة ارضية للانتخابات البرلمانية المقبلة وجميع هذه الظواهر ستنعكس عليها ، لذا تشعر القوى الاساسية انها في سباق مع الزمن.
مجالس المحافظات الجديدة يجب ان تقدم منجزات ملموسة في هذه المدة القصيرة لاستقطاب الجمهور ، فالقوى السياسية التي تراجعت تسعى لاستعادة مواقعها في اوساط الناخبين واستعادة الثقة المفقودة ، اما القوى الصاعدة فتسعى الى الحفاظ على ما حققته من تقدم ولا تريد ان تصيب جمهورها بالاحباط والخيبة ، خاصة وان الناخب عاقب القوى التي لم تنجح ، وكافأ القوى التي يعتقد انها البديل المناسب ،
تواجه جميع القوى وكذلك العملية السياسية برمتها خطرا متوقعا من احتمال حصول تدن اوسع في المشاركة في الانتخابات استمرارا لما حصل في انتخابات مجالس المحافظات ، خاصة وان شرعية جميع الاطراف وشرعية النظام السياسي مرتبطان بهذه المشاركة ، ويرى اغلب المراقبين ان تغيير قناعات الناخب العراقي ودفعه الى المشاركة الفعالة في الانتخابات العامة المقبلة يتوقف على سلامة الاداء الخدمي والسياسي والنجاح وحلحلة الازمات المستعصية في البلد خلال المدة المتبقية من عمر الدورة الحالية .