وليلة البارحة حاول المالكي ايضا خلط الاوراق من جديد والتشويش على اذهان الناس عندما حاول زج اسم المجلس الاعلى والتيار الصدري في مواضيع جانبية اكل الدهر وشرب عليها ولا تمت الى الحقيقة بصلة وليس لها علاقة بكل ما يجري من انهيار في هيكلية الدولة والحكومة خاصة بعد الفشل الكبير والفضيحة المدوية التي هزت اركان الحكومة والقوات المسلحة بعد احداث الهجوم على سجني التاجي وابو غريب قبل يومين والذي اسفر عن اطلاق سراح المئات من عتاة المجرمين ممن ينتمون الى تنظيم القاعدة الارهابي ودولة العراق الاسلامية وادى ايضا الى مقتل العشرات من الحراس والمكلفين بادارة السجون.
وفي الوقت الذي كانت الناس تتطلع الى توضيح من قبل القائد العام للقوات المسلحة ومن رئيس مجلس الوزراء نوري المالكي لان يجيب عن اسباب الانهيار الامني والذي كان أخره حادثة اقتحام سجني التاجي وابو غريب وتهريب المئات من القتلة والمجرمين اضافة الى الخروقات اليومية والتفجيرات المتوالية التي تحصد ارواح عشرات العراقيين كقتلى ومئات الجرحى حتى سجلت الاشهر الاخيرة تزايدا كبيرا في اعداد القتلى تجاوز ما كان يحدث ايام الفتنة الطائفية في الفترة الممتدة من عامي ٢٠٠٥ الى ٢٠٠٧.
كما ان الجميع كان ينتظر من دولة رئيس مجلس الوزراء ان يجيب عن أسباب الإخفاق في توفير الطاقة الكهربائية رغم صرف عشرات الميارات من الدولارات ورغم التصريحات السابقة لشخصه ولمعاونه لشؤون الطاقة بان عام ٢٠١٣ سيشهد نهاية الازمة الا ان الواقع يقول عكس هذه التصريحات تماما كما ان اسئلة كثيرة كانت تختلج في نفوس العراقيين تتعلق بالحصول على إجابات عن أسباب تردي الواقع الخدمي وانتشار الفساد المالي والاداري والبطالة وتفشي ظاهرة الرشوة وغياب الخطط والبرامج وتفاقم ازمة السكن والعشوائيات وضياع الموازنة وهدر المال العام وما هي اجراءات حكومته لاعادة المال العراقي المسروق في زمنه وزمن السيد الجعفري والذي بلغ اكثر من (١٣٠) مليار دولار على لسان الامم المتحدة و (٢٥٠) مليار على لسان احد المسؤولين الكبار والمتخصصين في الشان الاقتصادي واسئلة كثيرة وكثيرة.
ان تصريحات المالكي من على قناة العراقية التابعة للحكومة والتي حاول فيها التطرق الى مواضيع جانبية ولا تمثل جوهر المشاكل التي تعصف بالبلد تمثل انكسارا كبيرا وهروب غير منضبط الى الخلف من المشاكل الحقيقية واشرت حالة التخبط والذعر الذي يعيشه الرجل بسبب هاجس الخوف الذي سيطر عليه من خسارته لمنصب رئيس الوزراء منذ نتائج انتخابات مجالس المحافظات الاخيرة وحتى يومنا هذا والتي اظهرت تراجع كبير في شعبيته مقابل صعود نجمي المجلس الاعلى والتيار الصدري محل الموضوع.
اعتقد ان تعويذة المالكي لاحداث راي عام مؤيد له هذه المرة وصرف توجهات الناس عن المشاكل الحقيقية لن تجدي نفعا وسينقلب سحرها عليه لان المواضيع التي تحدث عنها مواضيع جانبية وتافهة هذا اولا ولان المجلس الاعلى والتيار الصدري كما اعتقد لن يمنحوه فرصة الضحك والاستهزاء هذه المرة لانهم اكبر من ان ينجروا الى تفاهات مملة في وقت يعيش العراق مرحلة مفصلية وحاسمة وتتطلب من العقلاء البحث عن الحلول وليس البحث عن المشاكل.