يتجه عمق وجدان الكرد للاستقلال.. تعززه الازمات المتكررة.. للصلاحيات والنفط والجغرافيا والـ١٧% (وبطرح "السيادية والحاكمة" تصبح ١٠% مقابل ١٣% "للنفط مقابل الغذاء"). فالدولة منذ تأسيسها انفقت اضعاف ذلك لقتلهم وتدمير قراهم وتهجيرهم، وصولاً للسلاح الكيمياوي.. لمطالبتهم بحقوق عادلة اقرها الدستور، وقبله اتفاقية ١١ اذار.. وضحوا مع قوى، عندما انتصرت ادارت ظهرها لهم.. فعقدين من الادارة المستقلة الناجحة عموماً، وانتاج نفطي يستهدف المليون برميل.. ودعوات لادارة مستقلة للاكراد السوريين.. وعلاقات جديدة بتركيا وغيرها، تحثهم لطلاق العراق المعطل.. فالرغبة قائمة، تنتظر اما اصلاح الاوضاع، او توفر شروط تقرير المصير.
اشتكى السنة الهيمنة الشيعية والتدخل الايراني، وظروف الدول وشعوبها "بالانتفاضات"، التي اضعفت الانظمة وزادت الانقسامات والمشاغل. فيواجهون خطرين.. المتطرفين والقاعدة.. وضغوطات الشيعة ومعاملتهم كبعثيين وارهابيين.. فالاوضاع في سوريا ومصر لم تحقق المرتقب منها. فصارت اللامركزية والفيدرالية المطلب الاساس لحماية حقوقهم.
وندد الشيعة بالفتاوى التكفيرية والقتل الجماعي المتذرع بالاحتلال والايرانية.. بينما قمعت القوات الصدامية بغطاء امريكي/خليجي انتفاضة ١٩٩١. ولا يختلف ٢٠٠٣، جوهرياً، عما يقع لبلدان "الربيع". فكثيرون يتخذون موقفاً من تجمعاتهم ومنظماتهم ودولهم بدواعي طائفية، في عمقها. فيضغط استهدافهم والكيل بمكيالين لتقوية الرابط المذهبي، والتشكيك بالروابط الدينية والقومية والعراقية كاطر فاعلة لدولة موحدة، خصوصاً مع التأرجحات الكردية والسنية. فحسب الكاتب السعودي "جمال خاشقجي"، "لم يعد هلالاً شيعياً"، وانما محورا "بمنظومة سياسية واقتصادية وعسكرية واحدة" لـ <١٤٠> مليوناً من الشيعة والعلويين والزيديين وبقية فرقهم، وهو لا يقل عن أعداد السنة بفرقهم، حيثما حكم يوماً العثمانيون والصفويون (باستثناء افريقيا واوروبا).
اتفق الحاضرون -بانطباعات مختلفة- على تفكك معادلة حكومات الحربين العالميتين. فالطائفة والقومية الواحدة ستفشل بحكم البلاد، وكذلك الاستبداد.. ورفضوا الكيل بمكيالين.. فالعراقيون بمجملهم وطنيون يدافعون عن حقوقهم ضمن ظروفهم.. فادانوا التعامل بينهم بمنطق الطابور الخامس والتهم المتبادلة. فلكي يبقى العراق عراقاً، او يتطور في اطار فضاء اقليمي اوسع، يجب التوقف عن تكفير الشيعة واستهدافهم.. والاتهامات المعروفة ضد الاكراد.. وملاحقة السنة بالبعثية والارهاب. وان الارهاب والهيمنة والطائفية والعنصرية، خطر مشترك يهددهم كلهم.. والدستور -بما له وعليه- هو الجامع المتبقي الوحيد، والضامن لحقوقهم، شرط تطبيقه كاملاً.
عادل عبد المهدي