وبلاد القهر والتخلف؟ ولماذا هذا الكم من العلماء والاسماء التي يفتخر الاخرون بهم، بينما تطردهم قوى الضغط المنتفعة الغبية، الجاهلة والخائفة من فضل البحث والعلم في عمل ورقي الامم.
فالشهيد الصدر ألف "فلسفتنا" و"اقتصادنا" وكان يعد لـ"مجتمعنا"، كما يرد، رغم ضيق وقته وتوقع شهادته.. فكان يعمل لمنظومة متكاملة تصلح للنهضة وتعبئة الشعب والطاقات.. وتفرد في "البنك اللاربوي" بحل تعمل وفقه المصارف اللاربوية المنتشرة اليوم في العالم. فالعمل بدون نظرية ومناهج وتوفير شروط الانجاز –كما نعمل اليوم- هو هدر في المال والوقت وفقدان الثقة بالنجاح، وخداع للنفس والاخرين.
يشكو الكل تدهور الاوضاع.. والكل يلقي المسؤولية على غيره.. فانتشرت ظاهرة شخصنة الظواهر.. فالانتاج الفكري والنظري ضعيف.. واضعف منه من يمتلك مقومات الفهم، فيستسهل الشخصنة. لقد انتصرنا عندما كنا امة الكلمة المسؤولة.. لكننا انهزمنا عندما تحولنا للثرثرة واللامسؤولية. فاخدنا قصب السبق عندما شرعنا وتدينا وقرأنا وتفقهنا وتفلسفنا ونظُرنا ودرسنا، فعملنا.. وعندما تركنا ذلك لغيرنا خرجنا من السباق كله. فجرت محاولات اخرها كتابات ونقاشات النهضة التي قادها العلماء كالنائيني والافغاني والكواكبي ومحمد عبدة وكثير غيرهم.. والتي اجهضها التخلف والاستبداد والاستعمار.. فلم نتعلم من تجاربنا وتجارب غيرنا. فاستسهلنا تسطير الاهداف والمطالب دون مناهج صارمة ونظريات مسندة ترشدنا لادوات وطرق تطبيقها.. فوضعنا دستور ١٩٢٥.. ثم سلسلة الدساتير المؤقتة.. وطبقنا سياسات من الغرب والشرق.. ففشلنا كليبراليين ويساريين وقوميين واسلاميين، ليس لقلة اخلاص او تضحية، بل لغياب او ضعف الخلفية النظرية المتكاملة، لمسح واقعنا كما هو وليس كما نتصوره.. ولوضع الحلول بمقدماتها وحقائقها ووقائعها.. والتي ترشدنا لمناهج الانجازات ومراكمتها وتطويرها.. فلا ندمر بشمالنا ما نبنيه بيمينا.. خلفيات تعري عوامل التخلف، والظاهرة الريعية، المفسدة للدولة والمجتمع والمواطنين.. والتي تنتجنا وتعيد انتاجنا، كمستهلكين.. كسولين.. مطلبيين، نتصارع على موارد سهلة، لثروة لم ترَ النور، لولا حضارة الاخرين ومنجزاتهم العلمية والعملية.. ونجلس لنقول كفى تنظيراً وكلاماً، نريد عملاً!!
عادل عبد المهدي