رمضان شهر من المعايشة والمعاشرة مع الفقراء , نشعر بجوعهم وعطشهم ونتبادل بيننا المودة والطعام والتراحم , في العيد تعود المفاهيم الراقية ، أساساً أن كلمة العيد في اللغة، مأخوذة من العَود , ففي كل سنة يعود ذلك اليوم، لا بساعاته، وأكله، وشربه، وإنما بالمعاني المختزنة في ذلك اليوم المبارك , وكما قال الإمام (ع): (ليس العيد لمن لبس الجديد، وإنما العيد لمن أمن الوعيد) , إن العيد من مصاديق الجماعة والعلاقات الأنسانية ، وصلاة العيد تمثل أكبر تجمع جماهيري للمسلمين, ومن المعلوم أن الخطيب، يستغل الفرصة لطرح المفاهيم التي تحتاجها الأمة , طبيعي أن يبحث الإنسان عن علامات القبول، (شهر رمضان تمرين على التقوى).. فالله سبحانه وتعالى جعل شهراً محدداً واضح المعالم , لشحذ الهمة، والتغلب على دواعي الغريزة والشهوات , والنجاح فيه مقدمة ومحفز لباقي الشهور , ومن سيطر على نفسه بإمكانه ان يسير بقية الأشهر, كما هو الحال عند المدمن على التدخين ، وإذا به يقاوم من السحر إلى الإفطار ,ويبدو أنه عندنا قدرات خفية وغير مكتشفة , وعليه فإن الهدف من فرض الصيام هو التقوى, ويتسارع الناس في ليلة العيد لتوفير أدوات الفرح و البهجة، من الملابس الجديدة والحلويات والهدايا المتنوعة , و جهزوا شفاههم للابتسامات وخدودهم للتقبيل وقلوبهم للفرح ، وقد تعودنا في تجمعات العيد ان نستمع الى خطب العيد التي تبدأ بالتهاني والحكمة والمواعظ , ولا تفارقنا ختى في ذلك اليوم السعيد ما نمرّ به من مأسي يومية عند المسلمين عامة والعراقيين خاصة , من فقدان الأمن والقتل والاغتيال والتشريد والتغريب والاحتلال الفكري والفقر والأمية وسوء الخدمات ,وتمتزج افراحنا بأحزاننا التي ترافقنا في كل الاوقات , نبحث عن حلول لها حتى في أعز ساعات فرحنا , نشعر أننا بحاجة الى من يرفع الحيف عنا ونفرح في عيد بعيد عن التنكيد والتعقيد والمشاكل المزمنة , وتسترخي الضمائر من تلك الأفكار والأفعال التي أطاحت بسعادتنا , وكان الرسول الكريم (ص) يتطيب ويلبس أحسن ثيابه، ونحن نكرر القول : عيد بأية حال عدت يا عيد؟! , نلقي كلماتنا وكأن الحزن مفروض علينا , نعم نستصرخ الضمائر الحية ان تشيع البهجة في يوم العيد وما بعده من أيام , ونطلب من الضمائر الميتة ان تعود الى رشدها وتستثمر شهر الطاعة بالعودة الى الحياة الانسانية المبنية على التعاون والتواد والتكافل والانسجام بين مكونات المجتمعات , ونتمنى من الّذين تقع عليهم مسؤوليات المجتمع ان تكون أيام الطاعات للعبرة والأعتبارفي بقية أيامهم , وتكون أعمالهم مقدمات لخوف يوم الوعيد , وفي يوم العيد نتبادل الزيارات والأفراح ونرسم الأبتسامات على الشفاه وننسى كل خلافاتنا , نتمنى ان لا يقتصر ذلك التطبيق بشكل عرف نتناوله في كل عام , وإنما نرسم منه المسار ويتم مراجعة النفوس , ولا نبقى دائماً نذكر بمشكلاتنا المعقدة , وهذا اليوم الذي تجتمع فيه القلوب ان تجتمع على المودة والرحمة والأنسانية والأخلاص في العمل .
واثق الجابري