لكن النظام لا يقدمه على الكونغرس، ليس دستورياً فقط، بل بالاشارات والاعتباريات التي يشرحها الادلاء السياحيين عند زيارة الكونغرس.. الذي بني من حجر جبلي (المرمر) للصلابة، والبيت الابيض من الحجر الرملي.. ويستطيع اي مواطن زيارة الكونغرس الا الرئيس فهو بحاجة لموافقة الكونغرس.. وعندما يخرج الرئيس من الباب الخلفي للبيت الابيض سيواجهه تمثال الرئيس الثالث "جيفرسون" كاتب مسودة اعلان الاستقلال.. وكأنه يقول له، سواء اخرجت من الباب الامامي او الخلفي ستواجه الدستور والكونغرس.. فانتبه، فرغم صلاحياتك وقوتك ولكن صلاحيات وقوة ممثلي الشعب اكبر منك.
يتكون الدستور الامريكي بغموضه وتعقيداته من (٧) مواد فقط، اضيف اليه عبر السنين (٢٦) تعديلاً.. ولم ينص الدستور منذ اقراره (١٧٩١) بتحديد ولايات الرئيس التنفيذي.. لكن الرؤساء انفسهم التزموا بدورتين كتقليد. ليقرعام (١٩٥١) فقط التعديل الـ(٢٢) لتحديد ولايتين.. ولـ"جيفرسون" كلمة مشهورة في (١٨٠٧) يقول" ان آماد بعض الرئاسات ان لم تحدد من قبل الدستور، او الممارسة العملية، فان دورة الاربع سنوات ستصبح لمدى الحياة".
وعندنا، تم التشديد على مبدأ تداول السلطة مرات عديدة خصوصاً المادة (٦) في باب المبادىء الاساسية.. فالدستور اهتم بتحديد مدة ولاية رئيس الجمهورية، فكيف لا يهتم بالموقع التنفيذي الاهم؟ والجواب، انه اهتم بتفاصيل ذلك وسمح بنزع الثقة في اي وقت يرتايه رئيس الجمهورية او البرلمان.. لكن عندما تستخدم السلطة التنفيذية صلاحياتها وقدراتها لفرض سلوكيات وتفسيرات، تعطل الدور التشريعي والرقابي للبرلمان.. والمساءلة والاستجواب.. ومبدأ استحصال الثقة ونزعها.. والمسؤولية التضامنية لمجلس الوزراء (المادة ٨٣)، وعندما يصبح عمل الكثير من مؤسسات الدولة وسلطاتها باشراف مسؤولين بالوكالة.. لتصبح مسؤولة امام السلطة التنفيذية وليس التشريعية، كما يقرر الدستور، فان هذا بالضبط ما يستوجب تأكيد مبدأ التداول.
ان تداول السلطة هو لمصلحة بناء النظام الدستوري وفي مقدمة ذلك السلطة التنفيذية.. فالمرحوم نوري السعيد تولى رئاسة الوزارة ١٥ مرة.. مجموعها ١٤ سنة و٣ أشهر، اي اكثر من ٣ دورات ونصف!!
عادل عبد المهدي