كل ذلك وأكثر حصل يوم ٣١ آب ليس لما ذكر سابقا، بل لأجل منع مظاهرة مرخصة تخرج للمطالبة ببعض الحقوق المسلوبة، من شعب مغلوب على أمره، بدأ يحس بأنه خُدع بعملية سياسية جوفاء، لم تغير كثيرا من واقعها قبل ٢٠٠٣، ولو على مستوى حرية التعبير عن الرأي، فبعد أن تجمع الناس لمظاهرة الناصرية وغيرها من المحافظات، يقودهم بعض المثقفين والشعراء والإعلاميين الذين لا حزب لهم ولا انتماء الا للوطن، فوجئوا بهجوم مباغت من قبل قوات سوات والأجهزة الامنية التي أشبعتهم ضربا بالهراوات، والمياه وقنابل الدخان، وقيل ايضا استخدام الرصاص الحي، بدلا من حمايتهم والحفاظ على سلامتهم، لأن المظاهرة مرخصة من المحافظ ومجلس المحافظة وسلميتها واضحة للعيان .
فبعد أن قضى المواطن السنوات العشر العجاف الماضية في قحط شديد ومعانات كبيرة، في الخدمات-التعليم-الصحة-البطاقة التموينية والموت المجاني الناتج عن فقدان الامن ، جاء اليوم ليصطدم بواقع مرعب ومخيف، فلا حريات مدنية ولا قانون ولا حتى الدستور الذي كفل حرية التظاهر يعلو فوق كعب "البسطال"، وبطش رجل الامن القديم ذو "الجِلال " الجديد.
ففي تظاهرة ذي قار ظهر الوجه الكالح والقبيح للديكتاتورية القديمة، لأنها نفس الادوات السابقة ونفس الاوامر السابقة، كما تبين لاحقا من الوثائق المسربه من جهات امنية في المحافظة، بأن الاوامر جاءت من المركز لمنع المظاهرة وفي الناصرية بالتحديد!! فهل يعقل هذا؟ بعد عشر سنوات لم تستطيع ديمقراطيتنا العوراء أن تكفل حق التظاهر، ولماذا هذا العداء وهذا التجافي والتنكر لذي قار؟ هل لأنها غيرت قليلا في الانتخابات الماضية، أم لأنها ستغير كثيرا في الانتخابات القادمة.